فلسطين أون لاين

في إثر جريمة دهس نفذها مستوطن

أبو الخير.. عامل بناء يرحل تاركًا خمسة أطفال أصغرهم رضيع

...
تشييع الشهيد أبو الخير (أرشيف)
نابلس- غزة/ أدهم الشريف:

لم يعلم عامل البناء علي أبو الخير أنه لن يعود لبيته بعدما خرج منه بحثًا عن رزقه صباح يوم الخميس الماضي.

وانتهت حياة أبو الخير بحادث دهس نفذه مستوطن إسرائيلي في أثناء عودته من عمله في البناء بمدينة أريحا. 

ووسط أجواء من الغضب شُيِع، أمس، جثمان الشهيد أبو الخير من مخيم بلاطة في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية إلى مثواه الأخير بعد يوم واحد من جريمة دهس نفذها مستوطن إسرائيلي.

وفي حين شكَّل استشهاد أبو الخير صدمة كبيرة لعائلته، فإنها تبدي تمسكًا شديدًا بحقها في ملاحقة المستوطن الذي نفذ جريمته وفر هاربًا.

وأبو الخير البالغ (47 عامًا) أب لخمسة أبناء (ولدين و3 بنات)، أكبرهم يبلغ عمره 13 عامًا، وأصغرهم رضيع 6 أشهر.

وتعدّ جرائم الدهس واحدة من سلسلة جرائم ينفذها المستوطنون الإسرائيليون باستمرار وبشكل ممنهج في مناطق متفرقة من الضفة الغربية المحتلة، وهي تتنوع بين جرائم القتل العمد وإطلاق النيران وتخريب المزروعات وقلع الأشجار والسيطرة على أراضي المواطنين.

وقال عامر أبو الخير شقيق الشهيد: إن العائلة لم تتوقع أن يتعرض ابنها لجريمة دهس من مستوطن، خاصة أنه عامل ويتحرك باستمرار في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، وكذلك الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 48.

وأضاف لـ"فلسطين"، أن المستوطن دهس شقيقه وهو في طريق العودة إلى بيته قادمًا من أريحا إلى نابلس.

ويدين شقيق الشهيد الجريمة التي نفذها المستوطن بحق أخيه علي، إذ إنه لم يكتفِ بذلك ولجأ إلى الهرب من المكان.

وقال إن العائلة لم تتعرف إلى المستوطن منفذ الجريمة، لكنها لن تترك حقها في ملاحقته في المحاكم والمحافل القانونية.

وتساءل باستغراب عن الذنب الذي ارتكبه شقيقه حتى يأتي المستوطن ليدهسه ويقتله فورًا.

وعلى الرغم من أن رفعت العائلة قضية في محكمة الاحتلال بمدينة القدس، وأخبرت الجهات المعنية في السلطة بتفاصيل جريمة المستوطن، فإنها لا تعلق أمالًا كبيرة على الاحتلال ومحاكمه نظرًا لوقوفها دائمًا إلى جانب المستوطنين اليهود وجنود الاحتلال في جرائمهم ضد المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلتيْن.

وفي حين تسعى حكومة الاحتلال عبر أذرعها العسكرية، إلى السيطرة على مناطق واسعة من الضفة الغربية ضمن ما يعرف بـ"صفقة القرن" التي أقرها رئيس الإدارة الأمريكية السابق دونالد ترامب، ومنها الأغوار وغيرها من أراضي الضفة، فإن جرائم المستوطنين في تصاعد.

وقبل أسبوع استشهدت المسنة شفيقة أبو عقيل، بعدما دهستها مستوطنة إسرائيلية قرب بلدة السموع بمدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية.
وخلال فبراير/ شباط الماضي، دهس مستوطن مجموعة مواطنين خلال مشاركتهم في مسار سياحي بمنطقة الأغوار، واستشهد نتيجة ذلك المواطن بلال بواطنة من مدينة رام الله، وأصيب اثنان آخران بجروح متفاوتة.

ويؤمن عامر أبو الخير -شقيق الشهيد- أنه لولا وجود المستوطنين في الأراضي المحتلة لما فقد أخيه حياته شهيدًا ومن قبله كثير من المواطنين.

ويزيد تعداد المستوطنين في الضفة الغربية على 600 ألف مستوطن موزعين على عدد كبير من المستوطنات والبؤر الاستيطانية المنتشرة، وتشهد أعدادها تصاعدًا مع استمرار تنفيذ الاحتلال خطة الضم بشكل صامت لتفادي ردود الفعل المناوئة.

تكامل للأدوار

وقال الناشط في مقاومة الاستيطان وجدار الفصل العنصري سهيل سلمان: إن "طبيعة (إسرائيل) أنها احتلال إحلالي قائم على الاستيطان، وكل ما يرتكبه المستوطنون من جرائم تعكس توجهات حكومة الاحتلال القائمة على مشاريع التوسع الاستيطاني".

وإذ يشير سلمان في تصريح لـ"فلسطين": إلى أن التنافس بين الأحزاب الصهيونية قائم على مشاريع التوسع الاستيطاني، يؤكد وجود تناغم بين قيادة حكومة الاحتلال وما يسمى القضاء والمستوطنين، وتوزيع للأدوار بينهما في جرائمهما ضد المواطنين الفلسطينيين.

وأشار إلى أن تربية الأجيال لدى الاحتلال قائمة على العداء المطلق للعرب والفلسطينيين، وهم يدفعون بهذه الأجيال لتنفيذ الاعتداءات المنظمة ضد المواطنين.

ولفت سلمان إلى أن جيش الاحتلال يوفر الحماية الكاملة للمستوطنين وخاصة في البؤر الرعوية عند رؤوس التلال، ويؤسسها الاحتلال في مناطق متفرقة من الضفة الغربية بغرض التوسع والسيطرة.

وفي السياق، عد المتحدث باسم حماس عبد اللطيف القانوع، ما تعرض له أبو الخير "جريمة بشعة تعكس عنجهية وعربدة قطعان المستوطنين".
وأضاف القانوع في تصريح صحفي أن تكرار جرائم الاحتلال وقطعان مستوطنيه ضد أبناء شعبنا في الضفة الغربية يتطلب إطلاق يد المقاومة الفلسطينية وتفعيل كل أدواتها لمواجهة جرائم الاحتلال.