يحيي المستوطنون في غلاف غزة في هذه الأيام مرور عشرين عاما على سقوط أول صاروخ عليهم من قطاع غزة، ولا سيما مستوطنة (سديروت)؛ ما جعل الخوف يرافقهم في كل يوم، وسيبقى يرافقهم طوال حياتهم، ويبقيهم في حالة يقظة دائمة، وخوف من الضجيج، لأنهم لا يرون أفقًا لحل أمني لهذه الصواريخ.
منذ عشرين عامًا، يواجه مستوطنو غلاف غزة حالة مستمرة من إطلاق النار والقذائف الصاروخية من الجانب الآخر من السياج الحدودي، ومنذ العثور على أول صاروخ في منطقة مفتوحة خارج سديروت في 16 نيسان أبريل 2001، تعطل نمط الحياة في المستوطنة، وكان الثمن النفسي باهظًا، وأحيانًا الثمن المادي.
هذا هو الحال مع العديد من العائلات في مستوطنات غلاف غزة، ومنذ أكثر من 13 عامًا، تضررت منازلهم تضررًا مباشرًا، وأصيب العديد منهم، ورغم تعافي مصابيهم من الشظايا الصاروخية، لكن الصدمة النفسية بقيت في الداخل، وما زالت ترافقهم كل يوم، وسترافقهم طوال حياتهم، وما زالوا حتى اليوم حساسين لأي أصوات انفجارات، ويسارعون فورا لإغلاق الأبواب.
يعيش المستوطنون في غلاف غزة في حالة تأهب دائم، حتى قبل اختراع منظومة القبة الحديدية، فقد كانت أي إصابة صاروخية قاتلة ومدمرة، لأن أنظمة الإنذار في مستوطنات الغلاف لم تعمل بكامل طاقتها بعد، ولم يكن هناك حراس أمن في جميع المنازل، حتى في فصول الشتاء حين كان الجو ينهمر في الخارج، يسمعون فجأة إنذارا بسقوط الصاروخ لم يسمعونه من قبل، وحينها تخترق الصواريخ الغرفة التي يجلسون فيها.
في عديد من الحالات كانت تنهار أجزاء من سقوف منازل المستوطنين، وتمتلئ كلها بالدخان، وفي كثير من الحالات تقع إصابات خطِرة، وأحيانا أخرى تخترق شظايا الصواريخ رؤوس المستوطنين، ويلتقط المصورون الصحفيون صورًا لها، وقد غطت الدماء وجوههم، ومثل هذه الصور تحكي القصة التي لا يمكن تصورها عن مستوطني سديروت، الذين عاشوا تحت قصف بالصواريخ، دون أي حماية.
مرت السنون منذ إطلاق أول صاروخ من غزة، وتحولت الشوارع في مستوطنات غلاف غزة إلى أنظمة الإنذار، خاصة منظومات القبة الحديدية، التي توفر حماية فعالة للمستوطنات التي ضربتها صواريخ القسام، ولذلك بقي الكثير من المستوطنين تحت متابعة طبية منتظمة، عقب مرورهم ببعض السنوات الصعبة.
اليوم بعد مرور العشرين عاما الأخيرة، وعندما يتعلق الأمر بالواقع الأمني في مستوطنات غلاف غزة، فلا يرى المستوطنون أي أفق لحل لمشكلة الصواريخ التي تستهدف المستوطنين، رغم أن المستوطنات اليوم في وضع أفضل، وإن كان بشكل نسبي، بفعل المنظومات الدفاعية التي أنتجها جيش الاحتلال الإسرائيلي.