فلسطين أون لاين

رمضان في أرض الرباط

كل رمضان وأنتم إلى الله أقرب. رمضان كريم، عبارة التهنئة الأكثر تداولًا بين الناس في رمضان. عبارة تتضمن تقديرًا محذوفًا، أي ربّ رمضان كريم، وربّ رمضان كريم دومًا في كل وقت وحين، ولكن الربّ الكريم الذي خصّ رمضان بالصيام، اختصه بمزيد من الكرم والعطاء، ففيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، والتي لا تضارعها في الثواب والقدر ليلة أخرى من ليالي السنة، وفيه من كرمه سبحانه تصفيد للشياطين، حتى يتمكن العباد من أداء العبادات وهم بمعزل عن كل معوق خارجي، حتى من مردة الشياطين، الذين تجري وسوساتهم في عروق الإنسان مجرى الدم، وفيه صلاة التراويح، وصدقة الصيام، وزيارة الأرحام، وترك المشاحنات، وفعل الخيرات، وكثير من الأغنياء اعتادوا أن يخرجوا زكاة أموالهم في شهر رمضان، طلبا للأجور المضاعفة.

في بلادنا فلسطين المحتلة لرمضان الكريم بما وهبه الله من عطاءات وبركات، نكهة خاصة، حيث يعيش الصائمون في هذه الأراضي تحت مظلة الرباط الدائم، وفي ظلال الجهاد، فيجمعون بين كرم رمضان، وثواب الرباط والجهاد، في الأرض التي بارك الله فيها للعالمين، ولا أظن أن نعما مثل هذه تتوفر لشعوب أخرى من العرب والمسلمين، ومن ثمة أستطيع أن أقول لو أن أهل الغنى والثراء في الخليج وغيره أدركوا النعمة التي يتقلب فيها شعب فلسطين المرابط على أرض فلسطين المباركة، لجالدوهم عليها ولنافسوهم فيها، ولتمنوا لو أنهم من أهلها.

نحن أهل فلسطين، أهل الأرض المباركة، لا ندرك حقيقة ما نحن فيه من كرامات الله وبركاته، وقد تعودنا النظر إلى أهل الثراء في الخليج وغيره أنهم هم المنعمون، وأننا مغبونون في كل شيء قياسا بهم، وهذا لعمري تصور دنيوي فيه نظرة قاصرة، وسوسة من الشيطان عالية، فالغنى عطاء دنيوي، والرباط والجهاد عطاء أخروي، وإذا اجتمع ذلك مع رمضان الكريم على هذه الأرض المباركة كانت نعمة الله على شعب فلسطين أعظم النعم وأكبرها، وهي فعلا نعمة لا تحصى، ولكي تجني أيها المواطن الصائم هذه الفوائد الأخروية لا تنسَ استحضار النية، فإنما الأعمال بالنيات، ونيتنا في مقالنا هذا أن نعظم معكم وبكم شهر رمضان الكريم، وأن نعظم من نعم الله التي أعطاها لشعبنا، رغم البطالة وضيق العيش.

وبهذه المناسبة يُسعِد صحيفة فلسطين، بمجلس إدارتها، والعاملين بها أن يهنئوكم جميعا بهذا الشهر الكريم، ويدعون الله أن يتقبل منكم الصيام والقيام وصالح الأعمال، ونسأل الله أن نصوم رمضان في عام قادم وقد عادت القدس عاصمتنا عربية إسلامية، اللهم آمين.