هب أنك تلقيتَ اتصالاً من شخصٍ تحبه يخبرك بأنه سيزورك في وقتٍ محددٍ ولن يطيل المكوث لديك، ماذا ستفعل؟
أظنك ستجتهد في ابتكار مراسم استقبال تليق به وبك، ستخبر أهلك وتنظف بيتك وترتدي أجمل الملابس، وتجهز ما لذَّ وطاب من الطعام والشراب، وستبذل قصارى جهدك في استثمار وقت الزيارة أيما استثمار، أليس كذلك؟ أو أنا مخطئ؟
ثم هب أن "أم العيال" وشوشتك بأنها حامل جديد "على شوق وعطش" أيكون شعورك كما لو كانت تهديك كل عامٍ طفلا جديدا؟ بالطبع لا.
ما سبق ينطبق على شهر رمضان لما له من سحر جميل وجليل مختلف عن بقية الشهور، فهو الضيف الكريم الذي بزيارته نتهلل فرحاً، وحين يغادرنا نبكي عليه، وفرحتنا به كزوجين ينتظران مولودهما "على أحر من الجمر".
رمضان موسم زماني مميز بالرحمة والمغفرة والعتق من النيران، وهبنا الله عز وجل إياه ليطهرنا ويزكينا به مما علق في نفوسنا من أخطاء وهفوات لأننا كبشر "وأنا أولكم" غرقى في بحر الأخطاء، فهو فرصة ذهبية لمسح أخطائنا وزلاتنا ونبدأ صفحة جديدة مع الله عز وجل ثم مع أنفسنا.
رُوي عن السلف الصالح أنهم كانوا ينتظرون رمضان منذ مغادرته لأنهم استشعروا بركات ليست في غيره، ويكفي أن فيه ليلة القدر وهي خير من ألف شهر، أي 83 عاماً.
ولأنه رمضان كان لزاماً علينا استقباله بما يليق به حتى يحقن نفوسنا بحقن "مضاد حيوي" ضد أي انحرافات قد يغرينا بها إبليس.
وبالعودة إلى "كيف نستقبل ونستثمر رمضان؟ فإني أقترح بعض الأفكار لندخل رمضان ونحن أقرب إلى الله عز وجل وهو راضٍ عنا، أما عن كيف نستقبل رمضان؟
- استعن بالله عز وجل واعقد العزم على أن تدخل رمضان إنساناً جديداً.
- جهز خطة تناسب ظروفك وتظهر مدى حرصك على حسن استثماره.
- اعفُ عمن ظلمك وصالح من لك خصومة معه، خاصة والديك.
- خفف من استخدامك لمواقع التواصل الاجتماعي، فهي مثل اللص الأنيق.
أما كيف نستثمره؟
- استثمر وقتك في أعمال الخير فهي أكثر من أن يحصيها مقال.
- لا تنجر خلف الأعمال الإعلامية الهابطة والتي تكثر فقط في رمضان لحرف أنظار واهتمامات المسلمين عن استثمار رمضان.
- تخلص من كل ما تراه سلبياً من التدخين وعدم الصلاة أو تأخيرها أو قطع الأرحام.
- اقرأ عن أحكامه وأبرز المعارك الإسلامية التي حدثت فيه.
- لا تنم في حضن النظرية القاتلة بأن رمضان للنوم وليس للعمل.
- لا تحول ليلك نهارًا ونهارك ليلاً.
- ليكن مقصدك من قراءة القرآن الفهم والتأمل والتطبيق، وليس فقط القراءة العددية.
- رمضان يهديك فرصة التعود على الصيام ويحفزك على صيام النوافل بعده.
- رمضان فرصة لإعادة ضبط أعصابك.
- زر أرحامك حتى دون هدية إن كانت ظروفك لا تسمح.
- ساعد زوجتك في أعمال المنزل فهي مثلك صائمة ومرهقة.
- رمضان فرصة لتجديد العهد والبيعة مع الله.
- رمضان فرصة لتشعر بشعور الفقراء والمحتاجين والمشردين والمغتربين.
عزيزتي... عزيزي:
إن الدخول في شهر رمضان أشبه برجلٍ اشترى بيتاً جديداً ويستعد للانتقال إليه، وبينما هو يستعد لذلك عمل "تصفية" لمحتويات بيته القديم فوجد كثيراً منها "ملهاش أي لازمة " فهل من المنطقي اصطحابها لبيته الجديد؟