الحكم المحلي إحدى أهم الوزارات ذات الصلة المباشرة بالمواطن يوميًّا ودون انقطاع على مدار أيام السنة. الحكم المحلي قمة الهرم لقاعدة عريضة تشمل كل بلديات الأراضي المحتلة. القمة والقاعدة نموذج رائع لعمل هرمي تكاملي من ناحية، وعمل مستقل له مغزى مرتبط بالجغرافيا من ناحية ثانية. صلاح القمة يعني صلاح القاعدة، والعكس بالعكس.
من المؤكد أنه ثمة عمل جيد تقوم به البلديات في قطاع غزة في مجال خدمة المواطنين، وصيانة وتطوير البنية التحتية، ومن المؤكد أن لوزارة الحكم المحلي -ممثلة بوكيل الوزارة في غزة والعاملين فيها- دورًا جيدًا في عملية الإشراف على البلديات ومجالسها، وتنسيق العمل بين المجالس البلدية، والمواطنين من ناحية، والوزارات والسلطات من ناحية أخرى.
العمل اليومي الذي تقوم به وزارة الحكم المحلي -وكذا البلديات- هو عمل كبير ومتنوع، ولكنَّ ثمة نقصًا في أمرين: الأول في قدرة الحكم المحلي ثم البلديات في رسم صورة إعلامية جيدة عنهم في ذهن المواطن. الرأي العام جهة البلديات مسكون بكثير من السلبيات. المواطن يشعر بأن البلديات مؤسسات جباية وجمع أموال؟! هذه الصورة السلبية التي يتناقلها المواطن عند أدنى احتكاك بالبلديات ربما يرجع بعضها لنقص في قدرة الحكم المحلي والبلديات على توظيف الإعلام لتحسين الصورة الذهنية عند المواطنين عن البلديات والحكم المحلي.
ما من شك أن هناك عملًا جيدًا تقوم به البلديات برعاية الحكم المحلي، ولكن هذا العمل لا تصاحبه تغطية إعلامية قادرة على تغيير الصورة الذهنية السلبية، ربما ثمة من يعمل في الحكم المحلي والبلديات ولا يؤمن بدور الإعلام في هذه المجال، لذا هو يعزف عن مخاطبة الناس من خلال الصحف أو الإذاعات، أو وسائل الإعلام الجديد، مع بعض استثناءات متقدمة وجيدة قدمتها بلدية غزة الإعلام وإشراك المواطن في القرار.
والثاني أن المواطن يشتري السلعة من البلدية ولكن يعزف عن دفع ثمنها، وينسى أن في البلديات موظفين يتلقون رواتب شهرية، وأن أي عمل لإصلاح للبنى التحتية يحتاج إلى أموال لا تتوفر في البلديات ووزارة الحكم المحلي، وكل عمل من أعمال التطوير في الطرق أو الأسواق أو التعامل مع الصرف الصحي والنفيات يحتاج إلى أموال أكثر، وتكاد لا توجد جهات خارجية مانحة، والسلطة لا تقدِّم دعمًا للحكم المحلي والبلديات، وحين لا يدفع نصف المواطنين ثمن الخدمات المقدمة لهم يزداد الوضع سوءًا، وتعجز البلديات عن خدمة المواطن.
في ضوء ما تقدَّم نقول: نحن في حاجة إلى عمل جيد وبخطط مدروسة لتفعيل عمل الحكم المحلي والبلديات، وتطوير الخدمات، ورفع حالة الوعي لدى المواطنين في هذه المجالات، ومعالجة الصورة الذهنية السلبية، والانتقال بالمواطن من الحالة السلبية الموروثة إلى حالة إيجابية نامية، ومن ثم تشكيل صورة ذهنية قادرة على إحداث التغيير.