دأبت الأوساط العسكرية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة على بث تقارير بين حين وآخر عن أن قطاع غزة بات يشهد تقدمًا عسكريًا تدريجيًا، ما ساعد في تحسين قدرات حركات المقاومة على إنتاج الصواريخ والطائرات المسيرة، في حين تجري تجارب صاروخية متزايدة باتجاه البحر المتوسط بسرعة أكبر وبنسبة عالية.
يأتي هذا التسريب الإسرائيلي المتفاوت عن تنامي قدرات حماس العسكرية في غزة، ضمن الحديث عما يسمى "النموذج الإيراني الجديد" الذي تتبعه طهران لتسليح المنظمات التي تدعهما، ومنها حماس في غزة، المعتمد على إنشاء مصانع السلاح، بالتوازي مع قنوات التهريب التي تتعرض أحيانا لهجمات جيش الاحتلال الإسرائيلي.
تدرك (إسرائيل) جيدا أن المقاومة تكتسب خبرات بشكل مستمر، وتوسع قدراتها التصنيعية بمختلف التخصصات القتالية: البحرية والبرية والجوية، وتبدي تطويرا لقدراتها العسكرية الذاتية، فحفرت في باطن الأرض، ولجأت إلى البحر لتهريب الأسلحة، ووسائل أخرى تتحفظ على ذكرها لأسباب أمنية، ويأتي ذلك استعدادا منها للمواجهة القادمة، بما لديها من إمكانات حربية محلية مصنعة وخارجية مهربة.
في حين أعلنت قيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال الإسرائيلي أنها تواصل توجيه ضربات قوية لأهداف للمقاومة بغزة، تتضمن الأنفاق وأنظمة الإطلاق ومصانع الصواريخ، وضرب قوتها البحرية، وطائراتها الشراعية، والطائرات دون طيار، وتتركز الضربات الجوية على مواقع إنتاج الصواريخ، وممرات الأنفاق والمخابئ تحت الأرض.
في الوقت ذاته تراقب المحافل الإسرائيلية ما تقوم به المقاومة في غزة من عمل مستمر للحصول على الإمداد العسكري والتسليحي، وتستغل كل فرصة لاستمرار تدفق السلاح إليها بحراً وبراً، على الرغم من أنها في السنوات الأخيرة بدأت تعتمد بشكل كبير على الجهد ذاتي، فغالبية أسلحتها وعتادها وصواريخها تصنيع ذاتي مبني على إستراتيجية مدروسة لبناء قوتها العسكرية، وتطويرها، في ظل ضعف عروض الإمداد التسليحي التي تأتيها من الخارج.
يتزامن هذا الكشف الإسرائيلي مع ما تشهده الأذرع العسكرية للمقاومة من انتقال من فرق وكتائب غير منظمة إلى جيش شبه نظامي، من حيث التسلسل الهرمي الواضح والدعم المالي الإيراني والتطوير العسكري العملياتي، بما فيها تهريب أسلحة ضخمة إلى غزة، وسعيها لمحاولة تصنيع أسلحة جديدة، سواء الطائرات دون طيار، أو زيادة مدى الصواريخ، ما سيجعل المواجهة العسكرية القادمة بين حماس و(إسرائيل) مختلفة عن سابقاتها، ومليئة بالمفاجآت، براً وبحراً وجواً، على الأقل وفق التقدير العسكري الإسرائيلي.
يزعم الإسرائيليون أن استمرار دعم إيران لحماس يؤكد أنها معنية بتكثيف إسناد غزة عسكرياً، لقربها من (إسرائيل)، وقدرتها على إيذائها إن هاجمت الأخيرة إيران، رغم أن ابتعاد غزة الجغرافي عن إيران يجعلها لا تنال الحد الأقصى من مساعداتها العسكرية، فـ(إسرائيل) ومصر تلاحقان أي معدات قتالية تأتي غزة براً وبحراً.