فلسطين أون لاين

تعلم قانون الشجرة لتربية أبنائك

...
صورة تعبيرة عن قانون الشجرة.jpg
ريما عبدالقادر

أن تكون قصة الشجرة التي أكل منها آدم وحواء هي أول قصة في القرآن فهذا له معنى وهدف تربوي عظيم، خاصة أنها ذكرت في بداية أطول سورة من القرآن وهي سورة البقرة، فقصة الشجرة هي أول حدث أسري زوجي حصل في العالم، وبذلك ممكن القول إن (قانون الشجرة) هو أول قانون تربوي تأديبي للإنسان المكلف لحمل الرسالة بالأرض.

وبذلك من الممكن كما أخبرنا د. جاسم المطوع، أن نستثمره في تهذيب أنفسنا وتقويم سلوك أبنائنا من خلال طرح فوائد تربوية، وهي على النحو الآتي:

أولًا: وضوح الأمر والتوجيه: فقد كان أمر الله لآدم واضحًا بيِّنًا: "وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ" (البقرة:35) فتم تحديد شجرة بعينها لا يأكل منها، وسمح لهما بغيرها.

ثانيًا: نقدم البديل عندما نمنع: وقد قدم الله لآدم وزوجته البديل عندما قال لهما: "كُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا" (البقرة:35)، فالبدائل كثيرة أمام الممنوع الواحد.

ثالثًا: الحوار الهادئ مع المخطئ: وقد حاورهما الله بعد ارتكاب الخطأ بتذكيرهما بالأمر السابق: "وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ" (الأعراف:22)، حوار هادئ لا غضب فيه ولا عنف.

رابعًا: إعطاء المخطئ فرصة للاعتذار: فقد أعطى الله لهما فرصة ليعتذرا من الخطأ: "قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" (الأعراف:23).

خامسًا: الاستماع للمعتذر وقبول اعتذاره: "فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" (البقرة:37).

ومعرفة أسباب ارتكاب الخطأ، والتأدب، والحديث عن المستقبل بعد الخطأ، فبعد وقوع الخطأ والانتهاء من العملية التربوية تحدث الله لهما عن المستقبل حول طاعة الرحمن وعصيان الشيطان، وغيرها.

فهذا هو قانون الشجرة التربوي الذي ينبغي أن نستثمره في تربية أنفسنا وتهذيب أبنائنا، فلا نعاقبهم إلا بعد التأكد من وضوح الأمر لهم، ونسمح لهم بالتعبير عن رأيهم، ونستمع لهم ونقبل اعتذارهم من غير غضب أو ضرب، ولا مانع من استخدام وسيلة التأديب مع بيان الحكمة من العقوبة وما الذي سيترتب على الخطأ لو استمروا فيه، مع بقاء العلاقة مستمرة وطيبة معهم وإعلان قبول اعتذارهم، ولعل السؤال الذي يثار هو (لماذا لم يبقيهما الله في الجنة في ذلك الوقت؟)، والجواب: لأنهما خلقا للخلافة في الأرض، ولكن كان اختبار الشجرة في الجنة عبارة عن تدريب عملي ميداني لمعرفة كيفية التعامل مع الذات ومع الله تعالى وكذلك مع الشيطان، ولتكون عبرة لذريته من بعده، فهذا امتحان بسيط من مادة واحدة ولكنه يكفي لتقديم منهج ورؤية للتعامل مع الحياة كلها.