أن تكون أسيرًا:
يعني:
أن يذوي فيكَ وهجُ الحياة كمشعةٍ يتساقط من جوانبُها الفُتات ...
وأن تنسلَ منك الرؤوس بصمتٍ ثقيل لا يُشبهُ صمتَ السُكات..
وأن تُحِب وتُحِنَّ وتعشق وتشتاق بقلبٍ تُثقلهُ الخيبة وتفتكهُ الحسرات ..
وأن تُلاحقَ الأملَ ولو حبوًا هربًا من فتْك الوحشة وظِلال الممات ..
وأن تُبحِرَ فيك الأماني بأشرعةٍ مزقتها سهامُ الوحدة من كل الجهات..
وأكتفي ..
فما كل امتدادات الوجع يمكن أن تُحكى إذ لا تتسع لها الكلمات..
********
لا ندرك الحكمة من أقدار الله إلا بعد أن تدركنا أقدار الله ..
إذ لا نَسعد لأقدار الله إلا بعد أن تحزننا أقدار الله ..
ولا تتفتح لنا أقدار الله إن لم تنغلق أمامنا أقدار الله ..
فشكرًا لأقدار الله التي أهدتنا إلى أقدار الله.
*****
روعةُ الأملِ لا تكمنُ في أنه يغسلُ كُلَّ آلامك.. ويبددُ عن صدركَ كُتَلَ الأحزانِ فقط..
بل يُريكَ الدنيا بعيونٍ أُخرى، لا تُعميها لُفافاتُ القهرِ أو تَحجِبُها غُيومُ الأسى..
****
العواطف التي لا ترى بعين العقل هي عمياء، والعقلانية التي لا ترشدها العواطف هي خرقاء، كلاهما يسير على غير هدى رغم الاعتقاد ببصيرتهما، وتلك خدعة كبرى من خدع الزمان، سرعان ما تستبين حقيقتهما عند الاصطدام، فاستدرك ذلك قبل الأوان..
وإلا!
احتمل صدمتك بصمت وشجاعة فأنت الجاني لا سواك يا مسكين!
****
عندما ينقشع ضباب الانفعالات..
ويهدأ هياج المشاعر..
ويزول طيف الصور القاتمة على ضياع الأماني الحالمة..
فخذ من ذلك درسك الكبير:
ما كان ليعطيك فيشقيك، وما حرمك إلا ليرضيك..
فما منعك مما وهب، إلا ليهبك مما يكون فيه العجب..
(فاستعن بالله ولا تعجز)
****
الأنانية هي أن تقدم حظ نفسك وتتجاهل حظوظ الآخرين
أما أن تجتهد في قتل حظوظ الآخرين لتقديم حظ نفسك، وإن بذلت لذلك كرامتك وشرفك والمروءة، وتسمي ذلك نبلًا أو حبًّا أو رجولة؛
فذاك وربي منتهى الأنانية والبلادة والرخص معًا!
***
حين يُضنيكَ البحث عن المآلات، ويضيقُ صدركَ من خيبات الحياة، تَعزَّى بقول الرسول الكريم:
"إن لم يكن بك علي غضبٌ فلا أبالي ولكنَّ عافيتك هي أوسع لي".
وتذكر:
أن من دبر هذا الكون البديع هو من يدبرُ لك، وأنه لن يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء..
لكن لله في أقدارنا شؤون.
***
ستدور دورة الحياة، وندور معها نُفتّش عن ذواتٍ كذواتنا لذواتنا..
لن يوقفها أحد كما -قطعًا- لن تتوقف من أجل أحد..
نَسعدُ من حيثُ ينتظرنا الحزن..
ونحزنُ في حين نُدفعُ إلى السعد، لا ندركُ عِلّة هذهِ إلا بتلك..
ومتأخرًا نعي أن السعادةَ تصنعها نفسٌ استعانت بالله وآمنت بقدرتها وجددت ثِقتها بنفسِها لتخطي كُل العثرات أولًا..
وتحللت من سطوة غيرها ثانيًا.. مُتسلحةً بالصدقِ مع الذات وبالحب..
ذلك الحُب الحقيقي الذي لا يُصدَّرُ قولًا بل يُوهبُ فعلًا..
فمن رضي فله الرضا.. فالحُبُّ سيادة..
ومن سخطَ فلهُ السُخط، والبؤسُ زيادة.
***
نمقت أحلامنا أحيانًا إذا ما فاجأنا الصحو بزيفها..
فنقول: ليتها ما كانت ولا كانت لنا إغفاءة! فحقائق الواقع أكثر لطفًا من زيف الأحلام الكاذبة.