إن الحديث عن الإعلام الفلسطيني "نظرة تقييمية" يستوجب الحديث عن جانبين أولهما الصحفي الفلسطيني الذي يعد البطل والفارس الحقيقي عند الحديث عن الإعلام الفلسطيني لأنه استطاع أن يحمل القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب المحتل من المحلية لتحتل مركز الصدارة في جميع وسائل الإعلام العربية والعالمية، ونستطيع أن نلاحظ ذلك بكل سهولة عند عمل مسح شامل لكل هذه الوسائل ونسبة اهتمامها وتفاعلها مع الأحداث التي تجري على أرض فلسطين، والتي انعكست بالتأييد والتعاطف غير المسبوق من قبل شعوب العالم، فضلًا عن الجهات الرسمية التي خرجت إلى الشارع في أكثر من مرة تعاطفا وتأييداً للفلسطينيين، وتطور هذا التعاطف ليتحول إلى مشاركة فعلية لمنع الجرافات الصهيونية من الاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، والمشاركة في قوافل كسر الحصار عن قطاع غزة.
ووصل الصحفي الفلسطيني إلى ذروة تألقه ونجاحه عندما حصد العديد من الجوائز العالمية وتفوق على نظرائه من دول العالم.
ولكن بقي الصحفي الفلسطيني يعاني نتيجة الاعتداء المباشر عليه واستهدافه من قبل قوات الاحتلال مرة بالقتل ومرة بالاعتقال أو الضرب ومصادرة أدواته الصحفية ومنع حركته ورفض إعطائه التصاريح اللازمة للعمل كزملائه الآخرين.
أما إذا تحدثنا عن الشق الثاني من المعادلة وهي وسائل الإعلام الفلسطينية نجد أنها سجلت نجاحات كذلك في إبراز معاناة شعبنا الفلسطيني المحتل، والانتهاكات التي يتعرض لها، وأعادت وسائل الإعلام الفلسطينية الثقة للمواطن الفلسطيني بوسائل الإعلام المحلية بعدما فقد هذه الثقة في سنوات سابقة نتيجة عدم احترامها عقول المتلقين وقيامها بدور أشبه بالدعاية لجهات معينة إما حزب وإما شخص بعينه.
كما نجحت وسائل الإعلام الفلسطينية أن تكون مصدرًا رئيسًا للأحداث المحلية، حيث أصبحت الوسائل المعتمدة في الأخبار والأحداث الفلسطينية من قبل غير الفلسطينيين من العرب والمسلمين وبعض الأجانب
أما إذا تطرقنا إلى العراقيل والمعوقات التي عانتها وسائل إعلامنا نجد أنها كثيرة أهمها ما تعرضت له من انتهاك واضح من قبل المحتل الصهيوني إما بالاستهداف وإما بمنع وصول المعدات والأدوات اللازمة لعملها، وإما التشويش عليها، والعمل على إعاقة عملها بشتى الطرق والأساليب.
وبقي أن نشير إلى أهم السلبيات التي عانتها وسائل إعلامنا وهي تأثرها بالانقسام الفلسطيني، إذ تأثرت معظمها مباشرة بهذا الانقسام وتعاملت معه تعاملًا غير مسؤول، حيث انحرفت عن القواعد والضوابط الإعلامية المتعارف عليها وانساقت تبث الشائعات وتسب وتقذف في الطرف الآخر وكأنها جزء من منظومة لممارسة الحرب النفسية ممارسة سلبية؛ ما يسيء لإعلامنا الوطني المسؤول الذي شهد له الكثير من المختصين بقوته ونزاهته وموضوعيته.
ومن خلال ما سبق أؤكد ضرورة المراجعة الدورية لإعلامنا الفلسطيني وتدعيم الإيجابيات وتلافي السلبيات، مع ضرورة الاتفاق على إستراتيجية إعلامية فلسطينية ذات أجندة وطنية يعمل تحتها الجميع للحفاظ على الإنجازات التي حققها إعلامنا بالدم والاعتقال والتشريد لمنع حرف البوصلة تحت أي تبريرات أو حجج غير مقبولة، خاصة وأننا ذاهبون إلى مرحلة جديدة من الانتخابات وإنهاء الانقسام.