عبر قناة فرانس 24 تحدث رئيس قائمة الحرية د. ناصر القدوة بتصريحات لاقت استهجاناً ورفضاً واسعين من الفلسطينيين، عندما قال: "كلنا، كل الأطراف الفتحاوية الموجودة لديها مشكلات مع الإسلام السياسي عموما أو الإسلاموية السياسية".
ناشطون ومحللون سياسيون وقوى وطنية وإسلامية رفضت تصريحات القدوة، حتى حليفه بقائمة الحرية مروان البرغوثي تبرأ من هذه التصريحات على لسان حاتم عبد القادر، والسؤال المطروح هو: ما دوافع القدوة لإطلاق هذه التصريحات في هذا التوقيت...؟ والسؤال الأهم: ما هي الدروس المستفادة لبقية القوائم الانتخابية...؟
أولاً: دوافع ناصر القدوة:
قد يرى البعض أن القدوة أراد من هذه التصريحات تحقيق ثلاثة أهداف مركزية هي:
1. استقطاب الأصوات الفتحاوية الغاضبة من طريقة إدارة الرئيس عباس للمشهد السياسي سواء فصله من اللجنة المركزية أو إدارة الحوار الوطني بين جبريل رجوب والشيخ صالح العاروري التي أفضت لإجراء الانتخابات في هذا التوقيت.
2. رسالة للمجتمع الدولي عموما وللفرنسيين على وجه الخصوص لا سيما أن بعض وسائل الإعلام نشرت أن ناصر القدوة متزوج من مواطنة فرنسية وله مصالح مع الدولة الفرنسية التي تتميز بحالة عداء مع الإسلام السياسي.
3. عبر الرجل عما يجول في باطنه، دون اعتبار للمكان أو التوقيت ودون أن يتوقع رد فعل الشعب الفلسطيني بمختلف مكوناته.
صحيح أن ناصر القدوة صباح يوم السبت أطلق تصريحات جديدة تُلطف الأجواء، ولكن طبيعة الرأي العام أن التصريح الأول له صدى أكبر من أي توضيحات، وفي تقديري أن الرجل في تصويب تصريحاته استدرك الخطأ والخطيئة التي وقع بهما، وألقت بظلالها على شعبية قائمة الحرية وسط الجماهير.
ثانياً: الدروس المستفادة:
لم أتخيل حجم الرفض لتصريحات ناصر القدوة، التي فاقت حجم التصريح نفسه، وهذا ينبغي أن يكون له أكثر من تفسير ألخصها على النحو الآتي:
1. رغبة المواطن الفلسطيني بالخطاب التصالحي الوحدوي الذي يتحدث عن المستقبل، لا اجترار الماضي، فنحن شعب واحد، ووطن واحد، وكل من يتبنى أي خطاب تفوح منه رياح عنصرية على أساس الدين أو الجنس أو اللون أو الجغرافيا سيخسر احتضان الجماهير.
2. نحن نعيش مرحلة بناء ما هدمه خطاب التكفير والتخوين والتمييز الجغرافي، وأي خطاب يتجاوز هذا المحدد ستلفظه الجماهير، فالمرحلة هي مرحلة التعايش والعمل المشترك من أجل فلسطين.
3. لا يمكن لشعبنا أن يقبل من يستقوي بالأجنبي على خياراته الديمقراطية.
الخلاصة: لقد وصلت رسالة شعبنا ليس لناصر القدوة وقائمته الانتخابية، بل وصلت لكل من يهمه الأمر قبل أن تبدأ الدعاية الانتخابية للقوائم المختلفة مفادها: إياكم وأي لغة إعلامية توتر المشهد، فشعبنا يريد أن ينظر إلى المستقبل، وأن ينظر لجهود كل القوائم في بناء دولة القانون التي تعيد الاعتبار لرأس المال الاجتماعي (الإنسان الفلسطيني)، الذي لم يعد يهمه مثل تلك التصريحات ولم يعد يقبلها، فعلى الجميع تبني خطاب الوحدة والمستقبل والأمل.