لم تبدأ مرحلة الدعاية الانتخابية بعد، لكن ناصر القدوة، الزعيم الفتحاوي، المنافس الجديد، شراكةً مع مروان البرغوثي في قائمة الحرية، بدأها مبكرًا، وبطريقة فجة وشرسة. وكما يقول المثل: أول ما شطح نطح. القدوة كشف عن خبيئة نفسه، وأن له مشكلة مع الحركات والجماعات الإسلامية التي سمّاها الإسلام السياسي، وحاول أن يجمع بقية الفصائل الوطنية الفلسطينية حوله فيما قاله من الخصومة مع الحركة الإسلامية، والمستهدف هنا حماس.
الفصائل كلها بما فيها اليسار استنكرت تصريحات القدوة، وعدتها مخالفة للتوافقات التي جرت في القاهرة، وفيها انحراف عن الإجماع الوطني الذي اجتمع على معركة الصراع مع الاحتلال، وبناء ديمقراطية فلسطينية، والمحافظة على الوحدة الوطنية، وترك الاستعانة بالأجنبي، أو بالمال الخارجي السياسي.
حماس الفصيل الوحيد الذي ترفَّع عن الرد على تصريحات القدوة، مع أنه يقصدها بتصريحاته المؤسفة. حماس أحسنت صنعا بترك الموضوع، والقفز عن التحريض والإساءة، ومع ذلك ذهب الأستاذ أحمد يوسف للدفاع عن القدوة بالقول إنه رجل خلوق ومؤدب، وليس له مشكلة مع الإسلام والجماعات الإسلامية، وما وقع منه في التصريح لا يتجاوز زلة لسان، وعلى من يشيطن القدوة أن يعيد قراءة تصريحه المستهدف.
ما قاله أحمد يوسف في التماس العذر جيد، وخلق إسلامي، يمنح المُخطِئ فرصة العودة عن الخطأ، ولكن ناصر القدوة لم ينتهز فرص العودة عن الخطأ، ولم يعلن أنه يسحب تصريحه، أو لا يقصد ما ذهب إليه الناقدون له، ولم يقل ما وقع كان زلة لسان، وهذا أمر سهل ومعتاد في العمل السياسي، لذا هو أفشلَ دفاع أحمد يوسف.
تصريحات ناصر القدوة تنبع من ثقافة فرنسية، حيث كان يسكن القدوة لفترة طويلة، ولا تنبع من ثقافة فلسطينية، ولأن الرجل عاش في الغرب مدة طويلة وتشرب ثقافة الغرب، فوجدهم يعادون الإسلام تحت يافطة معاداة الإسلام السياسي، في حين ليس في الإسلام شيء اسمه الإسلام السياسي، أو الإسلام الاشتراكي، أو الإسلام الاجتماعي. الإسلام هو الإسلام، والجماعة الإسلامية هي التي تلتزم تعاليم الإسلام في كل أقضية الحياة.
تصريحات القدوة سجلت لتحالفه مع البرغوثي أكبر خسارة قبل أن تبدأ الانتخابات، فهل تصلح قائمته ما أفسد؟ وهل تستعيد الأصوات التي هربت منهم قبل بدء التصويت؟