بعجز مليار و700 ألف دولار، أقرّت حكومة رام الله نهاية الشهر المنصرم موازنة 2021، وهي أول موازنة عادية للسلطة الفلسطينية منذ عام 2018.
وقدرت إجمالي النفقات بـ 5.6 مليارات دولار لعام 2021 بزيادة سنوية 9.9 بالمئة، وصافي الإيرادات المتوقعة نحو 3.9 مليارات دولار، بزيادة 12.5 بالمئة عن عام 2020.
وتوقع اقتصاديون –بناء على الأرقام التي تتضمنها الموازنة الجديدة– صعوبة بالغة في تحقيق الحكومة الإيرادات، كما توقعوا أن الوضع الاقتصادي في الضفة وغزة صعب للغاية حتى في حال انهاء الانقسام.
وعزا ذلك إلى ظروف جائحة كورونا وتدهور الأوضاع الاقتصادية، فضلا عن تراجع أموال المانحين.
وأكدوا في حديثهم لصحيفة "فلسطين"، أهمية ترشيد النفقات في المؤسسات الرسمية والحد من النثريات كضرورة ملحة، وخاصة أن القطاع المصرفي بلغ قدرته على إقراض الحكومة إلى أعلى المستويات.
وبحسب رئيس وزراء رام الله محمد اشتية، فإن مشروع الموازنة سيحال إلى الرئيس محمود عباس للتصديق عليه، ليصبح قانونا نافذا.
ومنذ 2017 تعطلت أعمال المجلس التشريعي صاحب الصلاحية في إقرار القوانين، بما فيها الموازنة العامة. ومنذ ذلك التاريخ يقر الرئيس عباس القوانين والموازنات، استنادا إلى المادة 43 من القانون الأساسي الفلسطيني.
وتعد هذه أول موازنة عادية للسلطة الفلسطينية منذ 2018، حيث عملت في عامي 2019 و2020 بموجب موازنة طوارئ من جراء حجز الاحتلال عائدات المقاصة الفلسطينية مرتين خلال العامين، وتداعيات جائحة كورونا في 2020.
وقائع وتوقعات
وقال الاختصاصي الاقتصادي د. نور أبو الرب: إن الأرقام التي تتضمنها الموازنة مرتفعة جدًّا، ولن تتمكن الحكومة من الحصول على تغطية العجز المالي المتوقع، في وقت أن المساعدات الدولية تشهد انخفاضا وتراجعا.
وأكد أبو الرب أن القطاع المصرفي لم يعد لديه القدرة على إقراض الحكومة بعد أن وصل السقف الأعلى الافتراضي "فالاستدانة أكثر من البنوك ستؤثر في أموال المساهمين وستجعل القطاع المصرفي في ضوء المخاطرة المرتفعة".
ونبه إلى أن القطاع الخاص لديه حقوق مالية على الحكومة من إرجاعات ضريبة ومشتريات.
وشدد أبو الرب على ضرورة أن تخفض الحكومة برام الله من نفقاتها العامة، بإجراءات تقشفات ملموسة، وعدم التعويل على أموال المانحين التي تشهد تقلصًا من عام تلو الآخر.
وأكد أهمية إدراج السلطة لقطاع غزة حقه كاملًا خاصة في التوظيف والتشغيل والإنفاق على المؤسسات الحكومية والمشاريع التنموية.
وكان اشتية برر زيادة النفقات، باستحداث نحو 6 آلاف وظيفة جديدة خلال العام، ومواجهة تداعيات جائحة كورونا، لكنه لم يوضح مصدر الزيادة في الإيرادات.
وتتوقع حكومته مساعدات من الدول والجهات المانحة هذا العام بمقدار 683 مليون دولار، ما يقلص العجز المتوقع بعد المساعدات إلى مليار و57 مليون دولار.
من جهته، قال الاختصاصي الاقتصادي خالد أبو عامر: لقد أقرت السلطة الموازنة العامة لعام 2021، وفق ما ينص عليه القانون قبل نهاية شهر مارس، كما يأتي مشروع الموازنة لهذا العام مختلفا في سياقه عن الموازنات السابقة.
وذكر أبو عامر أن هذه الموازنة هي أول موازنة تُقَرُّ منذ عام 2018، كما تضمن مشروع الموازنة إقرارا بنفقات بمستوى تاريخي تجاوز 5.5 مليارات دولار، وإيرادات 4.7 مليارات دولار، وعجزا أوليًّا يقترب من مليار دولار.
ونبه إلى أن العجز المالي قد يصل إلى ملياري دولار في حال إتمام المصالحة الفلسطينية، الذي سيتضمن زيادة نفقات السلطة في قطاع غزة، التي ستتركز تركزًا رئيسًا في عملية دمج الكادر الوظيفي.
وبيّن أبو عامر أن اللافت في هذه الموازنة أنها تضمنت إقرارا صريحا من قبل رئيس الوزراء محمد اشتية بتخصيص 30% من النفقات التشغيلية لقطاع غزة، بقيمة 1.4 مليار دولار، وتعد ذلك سابقة في تاريخ إفصاح السلطة عن حصة غزة من الموازنة الأساسية.
لكن الواقع على الأرض –بحسب الاقتصادي- يخالف هذه التصريحات، فنفقات السلطة في غزة تقتصر فقط على رواتب الموظفين التي لا تتجاوز 50 مليون دولار شهريا (600 مليون دولار سنويا)، ودفع ربع مخصصات الشؤون الاجتماعية السنوية بإجمالي 50 مليون دولار سنويا.
وقال: تحمل جزء من نفقات الوزارات كالصحة والتعليم بقيمة 100 مليون دولار سنويا، وبذلك نجد أن هنالك حالة من التلاعب في الأرقام، فإجمالي مخصصات غزة من موازنة الأساس لا تتجاوز 750 مليون دولار، وهي نصف ما صرّح به رئيس الوزراء اشتية.
وبيّن أبو عامر أن السلطة وضعت تقديرا بوضع الأساس بوصول المساعدات الخارجية لمستوى 300 مليون دولار سنويا، وهي نسبة معقولة بالنظر إلى متوسط المساعدات السنوية التي تتلقاها السلطة من الخارج، التي شهدت توقفا شبه كامل من الدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية في العامين الأخيرين.