إدارة بايدن، الرئيس الأمريكي، تمتنع عن وصف الضفة الغربية بالأراضي المحتلة، وقد جاء ذلك واضحا وسافرا في التقرير السنوي بشأن حقوق الإنسان الذي صدر مساء يوم الثلاثاء.
القدس والضفة الغربية وغزة أراضٍ فلسطينية احتلتها (إسرائيل) بقوة السلاح في حرب ١٩٦٧م، ومنظمات الأمم المتحدة تعدها أراضي محتلة، ودول الاتحاد الأوربي تعدها محتلة، والرئيس الأمريكي ترامب هو من قرر شطب محتلة الملحق بالضفة الغربية، وكان المفاوض الفلسطيني قد راهن على بايدن بأن يعود لمصطلح (الضفة الغربية المحتلة)، ولكن بايدن أفسد الرهان وسار على خطى ترامب، بالقول: الضفة الغربية، وفقط.
كان موقف ترامب يزعم بأنها ليست محتلة، وأنها أرض (لإسرائيل) ولمن يسكن عليها من الفلسطينيين. ولو قال إنها محتلة بحسب الوصف الفلسطيني والعربي والدولي، لكان الواجب الأول عالميًّا هو إزالة الاحتلال وإدانة الاستيطان، ولكن ترامب لا يرى ما تراه الأمم المتحدة، وما يراه العرب، وما يراه العالم، ومن ثمة كانت صفقة القرن ومخرجاتها من الضم وفرض السيادة، هذه السياسة التي أرساها ترامب إرساءً علنيًّا وسافرًا لم يتراجع عنها بايدن لسببين: إما لأنه يؤمن بما يؤمن به ترامب في هذه المسألة، وإما لأنه لا يستطيع التراجع خوفا من سطوة اللوبي اليهودي، أو لعدم مبالاته بالموقف العربي والفلسطيني.
بايدن أخرس لسان رجال من السلطة حين قدم لهم تعديلات شكلية على سياسة ترامب، ومنها إعادة بعض المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية، وتأييد حل الدولتين كما هو في الرؤية الأمريكية وليس في الرؤية الفلسطينية، فلم ينتقدوا موقف ترامب.
من راهنوا على بايدن عليهم مراجعة موقفهم، فشخص الرئيس الأمريكي ليس هو السياسة الأمريكية، السياسة الأمريكية وبالذات في الصراع العربي الإسرائيلي هو ما تصنعه المؤسسات، ويلتزمه الرؤساء.
كل رؤساء أمريكا مُجمعون على حماية (إسرائيل)، ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، وكلهم يتبنون مصطلح (الأراضي المتنازع عليها)، وهذا كان نتاج موقف خاطئ ارتكبته القيادة الفلسطينية في مفاوضات أوسلو حين قبلت بالوصف الإسرائيلي للضفة وغزة بأنها أراضٍ متنازع عليها، وليست أراضي محتلة كما كان يُصر على ذلك حيدر عبد الشافي بعد مؤتمر مدريد.
آن الآوان للقيادات الفلسطينية أن تغادر لغة الاستجداء، والخضوع للمواقف الأمريكية مقابل المال، وعليها العودة إلى الشعب الفلسطيني، وإلى أصول الثورة الفلسطينة، قبل فوات الآوان.