في سابقة خطِرة، ألمحت وزيرة الصحة في رام الله مي كيلة، أن أطرافاً أخرى من مستويات سياسية تُشارك في اتخاذ القرارات الخاصة بتوزيع لقاحات كورونا على المواطنين، وأنها ليست صاحبة هذا القرار، وهو ما عدّه متابعون "يُهدد صحة المواطنين ويتحكم بأرواحهم".
جاءت تصريحات كيلة، خلال اجتماع عقدته في وقت سابق مع مؤسسات المجتمع المدني بما فيها الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، وهو يُعطي مؤشرًا مهمًّا بشأن عدم قدرة الحكومة في رام الله ووزارة الصحة تحديدًا، على إدارة أزمة جائحة كورونا، في الوقت الذي تشهد ارتفاعًا كبيرًا في أعداد المصابين والوفيات نتيجة تفشي الطفرة الجديدة لكورونا.
وتسود حالة من الغضب لدى المواطنين والمرضى، ولا سيّما كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة إزاء سياسة "التمييز" التي تتبعها وزارة الصحة في توزيع اللقاحات.
ويقول المدير التنفيذي لائتلاف أمان عصام حج حسين: "يبدو أن الحكومة وتحديدًا وزارة الصحة غير قادرة على إدارة أزمة جائحة كورونا بشكل صحيح، بخاصة في مسألة توزيع اللقاح على المواطنين"
خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، أكد حج حسين، أهمية وجود لجنة وطنية تدير وتنظم عملية توزيع اللقاح وهيئة مستقلة من مؤسسات المجتمع المدني على عملية توزيع اللقاح، مشيراً إلى أن الوزارة من خلال تعقيبها على تجاوزات تتعلق بتوزيع اللقاح، ليست الطرف المتحكم بالعملية بل هناك جهات من المستوى السياسي تتحكم بالقرار.
وعد أن وجود فساد في توزيع اللقاحات يُشكّل "تهديدًا لصحة المواطنين المُحتاجين له، ويضر بالنسيج الاجتماعي، والثقة بين المواطن والسلطة"، منبّهًا إلى أن الحكومة ترفض مبادئ مهمة في إدارة الجائحة بشكل أفضل.
ورجّح استمرار حالة الفوضى في مواجهة جائحة كورونا وتوزيع اللقاح من جانب الحكومة، مطالبًا بضرورة وضع خطة واضحة وشاملة لتوزيع اللقاح، وبخاصة أن هذه العملية مُعقدة.
ولفت إلى أن "أمان" تواصلت مع وزارة الصحة من أجل الاعتماد على مصادر مركزية في جمع البيانات الخاصة بالمواطنين مثل وزارة الداخلية وجهاز الإحصاء المركزي وسجلات المرضى لديها، دون أن تضطر إلى تسجيل المُحتاجين للقاح، "لكنها لم تستجب لنا".
وبيّن حج حسين، أن تجاهل وزارة الصحة خطابنا أدى إلى زيادة الفوضى العارمة في توزيع اللقاح على المواطنين، مشددًا على ضرورة "وجود خطة واضحة لدى الوزارة بشأن استعدادها لمواجهة الجائحة، ومعروضة أمام المواطنين".
ورأى أن وضع خطة واضحة أمام المواطنين يضع قيودًا على عملية توزيع اللقاح، ويُظهر أي تجاوز يُرتكَب، وليس كما يجري الآن، مؤكدًا ضرورة وجود هيئة مستقلة رقابية على توزيع اللقاح.
مسؤولية الصحة
بدوره قال الناطق باسم نقابة الأطباء في رام الله محمد تحسين: إن "وزارة الصحة تُغيب نفسها في ممارسة عملها وتحديد أولوياتها الخاصة بإدارة أزمة جائحة كورونا، وتحديدًا توزيع اللقاح على المواطنين".
وأوضح تحسين خلال حديثه مع "فلسطين"، أنه يقع على مسؤولية وزارة الصحة تحديد أولويات الفئات التي يجب أن تتلقى اللقاح وفق تعليمات منظمة الصحة العالمية.
وعدَّ استمرار وزارة الصحة بالتعامل مع هذه الأزمة بالشاكلة نفسها "تهديدًا لصحة المواطنين"، مُتهمًا إياها بعدم التعامل بمسؤولية ومهنية منذ بداية الجائحة، إنما يقتصر دورها على إصدار بيانات عن أعداد الوفيات والإصابات فقط.
وتطرّق خلال حديثه، إلى الأزمة الحالية بين النقابة ووزارة الصحة، إذ إنه أكد عدم التوصل لأي حلول حتى الآن، وما زالت الإجراءات الاحتجاجية مستمرة، والخاصة بعدم التوجه لمراكز الرعاية الأولية، إنما يتوجه المناوبين فقط للمستشفيات، من أجل التعامل مع الحالات الطارئة.
واتهم الحكومة باستغلال احتجاجات نقابة الأطباء لتعليق فشلها الذريع في التعامل مع أزمة كورونا، مشددًا على أن "النقابة لن تعرض المواطنين للخطر، رغم احتجاجاتها المستمرة".