لأن العملية التعليمية ليست مجرد حشو معلومات في عقول الطلبة، أطلقت مدرسة "القاهرة الابتدائية_ ب" في مدينة غزة، مبادرة لتعزيز إيمان طالباتها بحق العودة ولتعريفهن بالمدن الفلسطينية التي حال الواقع الفلسطيني دون زيارتهن لها.. مبادرة "عندي شغف وحنين لمدن وطني فلسطين" فازت مؤخرا ضمن الفئة الأولى في مسابقة "مبادرتي" التي أطلقتها وزارة التعليم بغزة خلال العام الدراسي الحالي..
تقول مديرة مدرسة "القاهرة الابتدائية_ ب" نجاح صنع الله: "نردد دوما أن لكل الناس وطنًا يعيشون فيه، بينما نحن لدينا وطن يسكن فينا، ومع ذلك فنحن لا نستطيع أن نتحرك فيه بحرية، ونتيجة لهذه الحالة لاحظت عدم معرفة طالباتي بأسماء ومواقع المدن".
وتضيف: "حالة الجهل بالمدن الناتجة عن عدم زيارتها تحتم علينا أن نعرّف طلبتنا عليها حتى لا ينسوها، ومن هنا كانت فكرة المبادرة، التي انطلقت منذ نحو عامين، وشاركنا بها في مسابقة (مبادرتي) التي أطلقتها وزارة التعليم، والعمل ضمن المبادرة مستمر وغير مرتبط بوقت أو بمسابقة".
وتوضح أن المبادرة ضمت العديد من الفعاليات، منها جمع 110 مقاطع فيديو عن 50 مدينة فلسطينية، ونشرها على صفحات المدرسة على مواقع التواصل الاجتماعي ليتابعها الطلبة مع أولياء أمورهم.
وضمن المبادرة أيضًا، أعدّت المدرسة كتابًا عن المدن الفلسطينية، وضم معلومات جهّزتها 89 طالبة من طالبات المدرسة، وقد تم نشره على الإنترنت.
أتاحت المدرسة لطالباتها فرصة إعداد مقاطع فيديو عن بعض المدن، بحيث تحدد الطالبة مدينة فلسطينية، وتجمع عنها بعض المعلومات والصور، وتضعها ضمن فيديو تصممه بنفسها، وقد ترفقه بتسجيل صوتي لها باللغة العربية أو الانجليزية، وزاد عدد هذه المقاطع عن 100.
وتبين صنع الله: "رسمنا جدارية في المدرسة توضح أسماء المدن الفلسطينية لتراها الطالبات يوميا فتبقى عالقة في ذاكرتهن، وأسمينا الفصول بأسماء المدن، وأثرينا الإذاعة المدرسية اليومية بمعلومات وطنية، وكنّا نفعّل كل المناسبات الوطنية ونستثمرها للتذكير بمدننا، بالإضافة إلى تنظيم معرض يضم وسائل فنية عن الأمر ذاته من إعداد الطالبات والمعلمات، وكذلك نظّمنا عدّة رحلات اصطحبنا فيها الطالبات إلى أماكن أثرية في القطاع لنعزز في أذهانهن فكرة أن مدن فلسطين فيها آثار ومعالم كثيرة، ولنعمق عندهن الإيمان بوجود حضارة فلسطينية".
نتائج المبادرة لم تقتصر على تعريف الطالبات بالمدن الفلسطينية، وإنما امتدت لتنمية مهارات متعددة لديهن، وذلك بفعل إشراكهن في مختلف الفعاليات، وعن ذلك تقول صنع الله: "جمع المعلومات عن المدن ساهم في تنمية مهارات البحث عند الطالبات، وتصميم مقاطع الفيديو أعطى فرصة لتدريبهن على استخدام عدة برامج حاسوب، وهذه الأجواء أوجدت حالة من التنافس بينهن والرغبة في المعرفة والمبادرة لتقديم الأفضل، وظهرت بعض مواهبهن الدفينة ككتابة الشعر، وذلك كنتيجة لسعيهن لتقديم شيء مميز للمبادرة، ومن الواضح أن حبّهن للمدرسة وإقبالهن عليها بات في زيادة ملحوظة، إذ وجدن فرصتهن فيها".
وتضيف: "التأكيد على حق العودة وتعريف الطالبات بوطنهن من أهم أساسيات العملية التعليمية، وقد شعرت أن هذه المبادرة لامست احتياج الطالبات، فهن يشعرن أنهن مسجونات في القطاع ويرغبن بالتجول في باقي أنحاء الوطن، ليرين سهوله وجباله وقراه ومختلف معالمه".
وتشير إلى أن معلمتين اثنتين شاركتاها العمل في المبادرة، من خلال الإشراف على الأعمال الفنية، والتصميمات وجمع المعلومات، واشتركت في التنفيذ طالبات الصفّين الخامس والسادس.