كشفت المعطيات الأولية للانتخابات الإسرائيلية عن بقاء مشكلة غياب الحسم. كتلة نتنياهو الليكود لم تحصل على أغلبية مقاعد الكنيست التي تمكنها من تشكيل حكومة. يقال إنه بعد فرز ٩٠٪ من أصوات الناخبين حصلت كتلة نتنياهو اليمينية على ٥٢ مقعدًا، في حين حصلت الكتلة المقابلة لنتنياهو على ٥٦ مقعدًا، وهذا يعني أن الطرفين لديهما فرص متساوية في تشكيل الحكومة، وعندهم عوائق متشابهة تمنع كلًّا منهما من تشكيل الحكومة بشكل مريح.
كل طرف من الطرفين في حاجة للإتلاف مع قوائم صغيرة الحجم ولكنها ثقيلة الوزن في ترجيحات من يكون رئيس الحكومة؟!
خبراء المساومات الحكومية بدؤوا عملهم بشكل مبكر وفي جيوبهم إغراءات ربما يسيل لها لعاب القوائم الصغيرة ذات المقاعد ما دون العشرة. ماذا سيقدم فريق نتنياهو لليبرمان، أو لحزب العمل، أو لأزرق أبيض، أو لمنصور عباس لينضموا إليه؟! وماذا سيقدم الطرف الثاني لميرتس وللعمل، ولأزرق أبيض، وللعربية المشتركة ليحوز أصواتهم؟!
المساومات والإغراءات قد لا تحسم ملف الحكومة بسهولة، وإذا تمكن فريق من الفريقين من حسمها بعد عنت، فإن بقاء الائتلاف لفترة أربع سنوات قادمة أمر مشكوك فيه، بل هو من الأمور المستحيلة، لذا يمكن القول إنهم ذاهبون بعد مدة قصيرة لانتخابات خامسة، ولن تكون الخامسة حلًّا وشفاءً من مرض التشرذم الحزبي؟!
مرض التشرذم هو نتاج لعملية الانتخابات نفسها من حيث اعتبار الدولة دائرة انتخابية واحدة، وإجراء الانتخابات بقوائم النسبية الكاملة، ومن المعلوم أن القوائم النسبية هي طريق لإدخال جميع الأحزاب للبرلمان، وهي النظام الأنسب للأحزاب الصغيرة ذات التجمع على فكرة أيديولوجية لا تقبل النسف.
كتلة ليبرمان، وكتلة شاس، وكتلة يهود هتورات، لكل منها نسبة تصويتية ثابتة تتراوح بين ٦-٨ مقاعد. نظام النسبية هذا ربما ينقل لفلسطين أمراض انتخابات العدو، وهذا أمر محتمل، نحن لم نجربه بعد، ولكن نقرؤه في أحوال الآخرين، ولا نتعظ بما نقرأ؟! نظام القائمة النسبية الكاملة قتل القيادات الفردية المستقلة ذات الشعبية العالية في منطقتها الانتخابية، ومن ثمة قال بعضهم انتخابات النسبية فيه عيوب عديدة ومنها عدم استقرار الحكومات؟!