أكد محللون سياسيون أن المرحلة القادمة ستكون فارقة في تاريخ حركة "حماس" ومكتبها السياسي المنتخب دون أن يطرأ تغييرات مهمة على سياسات الحركة العامة خلال المرحلة المقبلة، لارتباط ذلك بالهيئات الشورية.
وأوضح المحللون لصحيفة "فلسطين" أن مهمة رئيس المكتب الجديد لحماس إسماعيل هنية "لن تكون وردية، إلا أن شخصيته وحنكته السياسية ربما سيكون لها تأثيرها في التخفيف على الأقل من وطأة الضغوط التي تتعرض لها حركته".
ضغوطات كبيرة
ويتوقع المحلل السياسي د. عبد الستار قاسم، بأن يواجه هنية ضغوطات فلسطينية وعربية وربما دولية، للتأثير على مواقف الحركة من عدة قضايا أبرزها ملفا المصالحة الداخلية مع حركة "فتح"، والصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.
ويرى أن المهمة الأولى لهنية تتمثل في إعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي أو على الأقل البدء في خطوات عملية تفضي إلى ذلك، مشيرًا إلى أن هنية يمتلك من المقومات ما قد يساعده في تحقيق ذلك "لعلاقته الوطيدة" بكافة الفصائل بما فيها "فتح".
ويعتقد قاسم أن هنية سيحمل على عاتقه تسويق الوثيقة السياسية لحركة "حماس" "وهو ما يتطلب إعادة الروح للعلاقة مع عدد من الدول كمصر والسعودية"، مشيرًا إلى أن ذلك كله لا يعني أن تشهد "حماس" تغيرًا كبيرًا في قرارها وموقفها السياسي.
وكانت "حماس" أعلنت، مطلع مايو/ أيار الجاري، عن وثيقة المبادئ والسياسات العامة لها، ومن بين أبرز بنودها قبول الحركة بقيام دولة فلسطينية على خطوط الرابع من يونيو/حزيران 1967 دون الإخلال بالثوابت الفلسطينية أو التنازل عن كامل فلسطين مهما كانت الأسباب والظروف والضغوط، ومهما طال الاحتلال.
مركز ثقل
ويتفق المحلل السياسي طلال عوكل مع قاسم بأن انتخاب هنية لن يفضي إلى تغيير في القرار السياسي لحماس، التي تتخذ قراراتها شوريًا.
ويقرأ عوكل فوز هنية بأن تأثير غزة في القرار السياسي العام لحماس سيكون كبيرا "لا سيما أنها أصبحت تمثل مركز الثقل السياسي على مستوى الحركة في مناطق تواجدها (الضفة الغربية وغزة والخارج وسجون الاحتلال)".
وعن قدرة هنية على إحداث اختراق في علاقة "حماس" مع بعض الدول العربية، يرى عوكل أن الوثيقة السياسية قد تشكل مدخلًا لذلك خاصة بعد توضيح الحركة لعلاقتها مع الإخوان المسلمين "ولا يعني ذلك الوصول إلى علاقات عالية المستوى كعلاقة السلطة بالدول العربية"، لافتاً إلى أن الدول العربية لن تتعامل مع "حماس" إلا من بوابة السلطة.
بينما يشكك عوكل في إمكانية تحقيق انفراجة في العلاقات الرسمية بين "حماس" والمجتمع الدولي الذي "يشترط على الحركة الاعتراف بشروط الرباعية الدولية".
وتشترط دول أوروبية على "حماس" الإقرار بشروط الرباعية لفتح علاقات سياسية، وتتضمن تلك الشروط نبذ الإرهاب والاعتراف بـ(إسرائيل)، وهو ما ترفضه حماس، وعبرت عنه في وثيقتها السياسية التي تؤكد حق الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية والمقاومة بكافة أشكالها.
إذابة الجليد
بدوره، يؤكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية د. وليد المدلل أن الطريق أمام هنية لن تكون وردية، معتقدًا أن رئيس حماس الجديد سيحاول إذابة الجليد في العلاقات بين الحركة والسلطة ومن خلفها حركة "فتح" من جهة، وبين حركته والدول العربية من جهة أخرى، معتمدًا في ذلك على الوثيقة السياسية.
ويوضح أن الانفتاح على "حماس" من قبل الدول العربية أو المجتمع الدولي لا يقوم على أساس من يقود الحركة، وإنما على قاعدة المصالح فقط، مشيرًا إلى أن كلًا من مشعل وهنية مقبولان دوليًا وعربيًا ويتسمان بالمرونة والواقعية.
ويلفت المدلل إلى أن الوثيقة السياسية خاطبت جميع الأطراف بلغة سياسية واعية ومقبولة عند الجميع وقد تشكل سلمًا لإعادة العلاقات القديمة وبناء علاقات جديدة مع الحركة، معربًا عن ثقته بأن يكون هنية سفيرًا مثاليًا لـ"حماس" في المرحلة القادمة التي تعد من أصعب المراحل التي تمر بها الحركة.
وهنية ثالث شخصية تتولى رئاسة المكتب السياسي لحركة "حماس" بعد موسى أبو مرزوق عام 1993، وخالد مشعل منذ عام 1996، وشغل المنصب لثلاث دورات متتالية.