حزين جدًّا على اليسار الفلسطيني الذي يصارع بعض مكوناته الاندثار والتلاشي، ولا يوجد خيارات كثيرة له للخروج من عنق الزجاجة، فهذه القوى النخبوية التي تشكل رافدًا مهمًّا للفكر السياسي والتجربة التاريخية، والتضحية والعطاء بحاجة لوقفة مع الذات وتقييم موقعها على الخريطة السياسية ما بعد الانتخابات.
سؤالي في هذا المقال عن خيارات اليسار الفلسطيني، ومكانته على الخريطة السياسية ما بعد الانتخابات.
أولًا: خيارات اليسار الفلسطيني.
حصد اليسار الفلسطيني في انتخابات 2006 ستة مقاعد، ما نسبته 4.5% من مجموع مقاعد المجلس التشريعي، الجبهة الشعبية منفردة حصلت على ثلاثة مقاعد، في حين حصل تحالف الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب وفدا على مقعدين، هذا المشهد يعكس أزمة اليسار، فإن أجريت انتخابات في عام 2021م؛ فما سيناريوهات اليسار الفلسطيني؟ وما مستقبله؟
خيار انقسام اليسار إلى قوائم مشتركة ما بين فتح وحماس.
في تقديري أن هذا الخيار هو المرجح، وجوهره يقوم على أن ينقسم اليسار إلى قوتين: الأولى تتبنى نهج المقاومة المسلحة وتذهب للتحالف مع حماس وأقصد الجبهة الشعبية والديمقراطية، وباقي قوى اليسار تذهب لقوائم فتح، ويبقى التحدي أمام هذا السيناريو نسبة تمثيل هذه القوى على قوائم فتح وحماس.
خيار القائمة الوطنية العريضة (المشتركة).
خيار مرجح بنسب عالية رغم بعض المعطيات التي تضعف من فرص تحقيقه، وهو الخيار الأمثل لكل القوى وللعملية الانتخابية، وتشارك كل قوى اليسار في هذه القائمة حسب حجمها، وبالمحصلة سيكون مجموع تمثيلها في البرلمان أكبر بكثير من أي خيارات أخرى.
خيار تشكيل قوائم يسارية منفردة.
هذا الخيار الأسود لقوى اليسار، لأن انعكاساته ستكون صادمة لليسار ولمناصريه، وضربة لمن يتبنى فكرة بناء نظام سياسي تعددي ديمقراطي، وحسب تقديري وفقًا لهذا السيناريو قد تندثر معظم قوى اليسار عن الخريطة السياسية ولا تصل إلى نسبة الحسم، عدا فصيل أو اثنين في أحسن الأحوال.
خيار تشكيل قائمة يسار موحدة.
على أهمية هذا الخيار لتشكيل تيار ثالث على الخريطة السياسية تحت قبة البرلمان، هذا الخيار عمل عليه وفشلت قوى اليسار في تحقيقه بسبب خلافات بشأن الأوزان الفصائلية في القائمة الانتخابية.
خيار عدم المشاركة.
قد يشكل هذا الخيار هروبًا إلى الأمام لبعض قوى اليسار، وترفض المشاركة لأي سبب كان، وتحافظ على تاريخها ومكتسباتها، وتحفظ مياه وجهها أمام جمهورها.
الخلاصة: أنصح قوى اليسار الفلسطيني بأن تعمل كل ما بوسعها لتعزيز مكانته على الخريطة السياسية، وإن كنت أفضل القائمة الوطنية العريضة؛ فإن مصلحة اليسار أيضًا تقع ضمن دائرة توحيد جهوده في قائمة موحدة، وبين هذا الخيار وذاك تكمن أبرز التحديات التي تحدد مستقبل اليسار ضمن دائرة تغليب المصلحة العامة لقوى اليسار وتاريخه النضالي الطويل على المصلحة الخاصة للطبقة النخبوية التي تقوده.