تطفو على صفحات الأخبار أنباء تتحدث عن تدهور في العلاقات بين الأردن (وإسرائيل)، وتذهب بعض المصادر إلى أن الأسباب ترجع لعرقلة نتنياهو زيارة ولي العهد الأردني إلى المسجد الأقصى، ورد الأردن العاجل على تصرف نتنياهو بمنع تحليق طائرته فوق الأردن وهي متجهة نحو الإمارات العربية المتحدة.
هذا ما تقوله الأنباء التي تستهدف تخفيف المشكلة، وإخفاء أسباب الفتور في العلاقة بين الدولتين. يؤكد ذلك مثلا تصريح ممدوح العبادي رئيس وزراء الأردن إذ قال (لسبوتنيك): مسألة مرور الطائرة كانت نتيجة لأمور تراكمية منذ سنوات، وكانت زيارة الأمير حسين ولي العهد الشعرة التي قصمت ظهر البعير، وقال العبادي: على الصعيد الشعبي العلاقة جامدة بنسبة 99.9٪. نتنياهو لا يريد السلام، لماذا توجد السفارة الإسرائيلية في عمان إذا لم يطبق نتنياهو معاهدة وادي عربة؟!
اعتبر المحلل السياسي الأردني وليد حسني أن هذا أكبر تأزم في العلاقات بين الأردن (وإسرائيل) ولن يكون بعده تأزم أكبر منه، إلا إذا ذهبت الأمور نحو حلول جراحية كالحرب مثلًا.
هذه المعطيات والتقديرات تقول إن أزمة زيارة ولي العهد، وطائرة نتنياهو ليستا سببًا معقولًا لما وصفه المحلل الأردني بالتأزم الكبير في العلاقات، والذي نبه له رئيس وزراء الأردن بالشعرة التي قصمت ظهر البعير، وعلينا أن نهتم بما قاله رئيس الوزراء بأن الشعب الأردني يرفض العلاقة مع (إسرائيل) بنسبة مئة في المئة ناقص عشر الواحد، وأنه لا أثر لوجود السفارة الإسرائيلية في عمان على السلام، ونتنياهو لم يطبق معاهدة وادي عربة.
وهنا يجدر بمن يهتم بدراسة العلاقات الأردنية الإسرائيلية أن يبحث عن الأسباب العميقة لهذا التأزم المعلن، ولعل من أهم هذه الأسباب محاولة نتنياهو سحب ورقة الإشراف الأردني الهاشمي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وإشراك أطراف عربية في الجزيرة في مسؤولية الإشراف. الإشراف على المقدسات في القدس هي الورقة المتبقية للأردن والهاشميين بعد نكسة ١٩٦٧م، وهي ورقة مهمة ذات حساسية بالغة، لذا أقر واعترف بها رؤساء (إسرائيل) السابقون، ونتنياهو هو الأول الذي يريد سحب هذه الورقة كلها أو بعضها.
هذا القول لا يمنع وجود أسباب أخرى ومنها محاولة نتنياهو إضعاف دور الأردن السياسي في الورقة الفلسطينية وتعزيز دور أطراف في الخليج على حساب الأردن.
السياسة وإن اعتمدت على لغة الدبلوماسية والتعويم لا تستطيع خداع من يحسن المتابعة، ويحسن قراءة ما بين السطور. نعم إن لتأزم العلاقة مع الأردن تأثيرات في الطرف الفلسطيني، وهذا ما يجدر بجهات الاختصاص بحثه، والإفادة منه، ومنع أضراره.