ما زال ملف الانتخابات العامة يشغل وسائل الإعلام، ويستدعي أقلام الكتاب والمحللين لمتابعة كل التطورات، ولعل من آخرها : إصدار حركة فتح قرارا بفصل القيادي فيها ناصر القدوة، لأنه لم يلتزم قرارات عباس ومركزية فتح، وبسبب إعلانه عزمه تشكيل قائمة مستقلة عن قائمة فتح يخوض فيها الانتخابات بالتعاون مع مروان البرغوثي إذا ما قَبِل رئاسة قائمة الملتقى الديمقراطي.
لم يتقبل ناصر القدوة قرار الفصل، بغض النظر عن التصريحات المنسوبة له، التي تحمل نقدا جارحا لقيادة فتح، وهل هي صحيحة أم مفبركة، المهم أن الرجل غضب من قرار الفصل رغم توقعاته المسبقة له. لا تغضب!
واللافت للنظر في هذه المسألة، تصريحان: الأول لحسين الشيخ المقرب من عباس، حيث قال: فتح أكبر من قادتها، والقدوة فُصل بقانون هو أسهم في وضعه وصياغته. والثاني لمنير الجاغوب مسؤول الإعلام في مفوضية التعبئة والتنظيم بحركة فتح، الذي ذكر: إن ما يحدث من انقلاب على حركة فتح؛ أي في ملف القدوة، ليس وليد الانتخابات الحالية، بل هو أمر أسبابه عميقة، ويتم الإعداد له وطبخه منذ ٢٠١٨م، حين هدف الحراك إلى زرع الفتنة تحت شعار: ارفعوا العقوبات، وشعار: ارحل. التأصيل مهم!
أي إن هناك من يربط بكلام غير صريح بين انقلاب القدوة ومحمد دحلان والتيار الإصلاحي، الأمر الذي أدى إلى حالة من الغضب والاحتقان بين القيادات التي تدور حول مركز الرئيس، والتي تبحث عن وراثة له مستقبلا، الأمر الذي أخرج قرار فصل القدوة، وأخرج هذا التنازع الإعلامي، عن مقتضيات ما يفرض التاريخ النضالي المشترك.
من البدهي أن تكون محطتا الانتخابات، والتنازع المحتمل على الوراثة، مثيرتين للأعصاب، ومن المتوقع أن يسفر الاحتقان عن قرارات فصل، وعن قرارات استقطاب أيضا، وعن تنازع مرير في التصريحات، لا سيما وأن ساحة فيس بوك وتويتر هيأت فرصة سهلة لنشر هذه التصريحات وتداولها والزيادة عليها.
مخاض الانتخابات مخاض إجباري في العادة، وهو عسير ومحفوف بالمخاطر أيضا، ومن تداعياته أنه يكشف عن كل مخبوء، أو قل عن بعض المخبوء، لأن كل مخبوء يجد فرصة له في صراع الانتخابات، وإذا لم يخرج المخبوء في حالة التنافس الانتخابي فهو لن يخرج بعد ذلك، إلا في انقلاب لا يعترف بالعملية الانتخابية.