قائمة الموقع

"الحاضنة الشعبية في حماس" تنقذ حياة مرضى بمشروع الطاقة البديلة

2021-03-11T09:06:00+02:00

"الله ينور طريقه كل شخص كان له يد في التخفيف من وجعي وألمي" هذا أول ما استهلت به مُسنة ستينية من مدينة غزة حديثها، بعد أن نهشت أمراض مختلفة جسمها الذي بات ضعيفًا لا يقوى على التنقل إلا عبر كرسيها المتحرك، فكانت الطاقة الشمسية الحل المناسب للتخفيف عنها.

المسنة التي فضلت عدم كشف هويتها تأثر وضعها الصحي سلبًا بسبب تأثير الحصار على جدول توزيع الكهرباء، تقول لصحيفة "فلسطين": "كوني مصابة بأمراض مزمنة: ارتفاع ضغط الدم، والسكري، وضعف عضلة القلب، وأزمة صدرية، وضعف عام في عضلات الأطراف العلوية والسفلية بسبب مضاعفات السكر، ووجود مياه على الرئتين؛ كان كل ذلك يتسبب بحالة ضيق تنفس".

أنفاس متسارعة وهي تجلس على سريرها وكأنها كانت تمشي مسافات طويلة، ورجفة في يديها بحيث لا تستطع أن توصلهما إلى أعلى رأسها، تضيف: "في الصيف الماضي بعد مكوثي ثلاثة أشهر في العناية المركزة أصبحت لا أستطيع العيش دون مرافقَيّ: جهاز التنفس الصناعي، والمروحة الكهربائية".

بيتها المسقوف نصفه بألواح الأسبست والنصف الآخر بالزينجو يتحول في الصيف إلى ما يشبه "الفرن"، وفي الشتاء أشبه بالثلاجة، فكانت المدفأة لا تبتعد عن سريرها بضعة أمتار، ويحتاج البيت إلى إضاءة حتى في منتصف ساعات النهار للتخلص من عتمته.

يقول زوجها (72 عامًا): "كانت في الصيف لا تستغني عن المروحة دقيقة واحدة، وكذلك المدفأة في الشتاء، ولكن من نشلنا من هذه الأزمة هي الحاضنة الشعبية التي عكفت على تركيب ألواح الطاقة الشمسية، خاصة مع قطع التيار الكهربائي ساعات تفوق الثمانية".

وتقطع الستينية الحديث: "بعد مرور ثلاثة أعوام على تركيب نظام الطاقة الشمسية كل ما بستفيد منها بدعي ربنا للي ركبها وساعدنا فيها".

ابنتهما توضح أن حياتهم تغيرت إلى الأفضل، من نواحي عدة: صحيًّا بخصوص والدتها بدلًا من نقلها إلى المستشفى لعمل تنفس صناعي، وماليًّا إذ كان والدها يضطر إلى تغيير البطارية الخاصة بإضاءة "الليدات" كل شهر تقريبًا، حتى إنها تتمكن من الدراسة في أي وقت، بعد أن كانت في السابق تقتصر على ساعات النهار لظلمة الليل وضعف إضاءة "الليدات".

"إنقاذ حياة"

أحمد (اسم مستعار) غزيٌّ آخر كان يضع ألف حساب لساعات قطع الكهرباء، ويرسم السيناريوهات المختلفة في حال حدوث أي طارئ، خاصة أن ابنتيه مصابتان بمرض الثلاسيميا، وسكر في الدم، ومشاكل صحية أخرى تتعلق بالنخاع الشوكي.

يقول المواطن لصحيفة "فلسطين"، مفضلًا عدم كشف هويته: "لديهما جهاز طبي خاص بحقن الدواء في الوريد يحتاج لشحن البطارية، فعملية نقل الدواء داخل جسديهما تستغرق ثماني ساعات، إضافة إلى جهاز تبخيرة، ومروحة لا تطفأ دقيقة واحدة حتى في فصل الشتاء".

فمع نظام القطع ساعات طويلة كان كثيرًا ما يحدث طارئ معه ويحتاج لنقل فتاتيه عند أحد الأقارب الموصولة لديهم الكهرباء، لأجل وصل الجهاز بأجسادهما لتكسير الحديد، أو نقلهما يوميًّا إلى المستشفى.

ويوضح أنه مع تركيب الطاقة الشمسية انقلبت حياته وحياة بنتيه، وكان بمنزلة إنقاذ لحياتهما من موت يتربص بهما كل لحظة.

"رد جميل للشعب"

في السياق يوضح مدير دائرة الحاضنة الشعبية في حركة المقاومة الإسلامية حماس م. لؤي عياد أن دائرة الحاضنة الشعبية التابعة لمكتب رئيس حركة حماس في قطاع غزة أنشئت أساسًا استجابة طارئة للظروف القاسية، الناتجة عن الحصار والإجراءات العقابية (التي فرضتها السلطة في رام الله) وبلغت ذروتها في عام 2017.

ويقول عياد لصحيفة "فلسطين": "لذلك كان هذا المشروع وكل المشاريع الأخرى التي قامت بها الدائرة في هذا السياق، وهو لتعزيز صمود أهلنا في قطاع غزة الحاضنة الكريمة التي احتضنت المقاومة في كل مراحلها، وتحملت في سبيل ذلك الحروب العدوانية والحصار والتضييق".

ويشير إلى أن الهدف من المشاريع دعم وإسناد "شريحة أفقر الفقراء"، وأن الدائرة أيضًا كانت معنية باستقبال ومتابعة وحل مشاكل ومظالم المواطنين التي كان عالقة أو متأخرة لسبب أو لآخر، وعملت بالتنسيق مع الجهات المختلفة على تطوير وتجويد وتحسين كل الخدمات المقدمة للمواطنين.

وحملت المشاريع التي انطلقت من دائرة الحاضنة الشعبية شعار: "وفاءً للأوفياء"، ويوضح عياد أن الدائرة ليست بديلًا عن أحد، ولا تقوم بمهام أي دائرة أخرى، لكنها تعمل كتفًا بكتف مع الجميع داخل أطر الحركة وخارجها، من أجل التحقق من خدمة المواطن الصامد المرابط بأفضل ما يمكن.

ويبين أن التدخل كان للمساهمة في تخفيف حدة أزمة الكهرباء التي بلغت ذروتها في 2017، إذ كان يصل عدد ساعات القطع إلى 20 ساعة، ويعد هذا الموضوع من الدرجة الأولى للقضايا التي احتاجت إلى متابعة وتدخل.

ويضيف عياد: "استهدف المشروع الفئات الأكثر تضررًا من انقطاع الكهرباء، الذين تعتمد حياتهم على الكهرباء، كالمرضى الذين هم بحاجة إلى أجهزة طبية تعمل على الكهرباء باستمرار، مثل مرضى الجهاز التنفسي، والذين يحتاجون إلى فرشات طبية خاصة تعمل على الكهرباء، إضافة إلى الطلبة المتميزين الذين نعدهم ذخيرة اجتماعية وطنية مستقبلية مهمة من واجب الجميع دعمهم، خاصة في وقت الأزمات".

ويلفت إلى أنه استفاد من المشروع 460 منزلًا موزعة على المحافظات الخمسة في القطاع، بمبلغ إجمالي اقترب من نصف مليون دولار، معظمهم من الفقراء أساسًا، إضافة إلى ابتلاءات أخرى يعانونها.

وينبه عياد إلى أن مشروع الطاقة الشمسية ربما كان أول المشاريع التي عملت عليها دائرة الحاضنة الشعبية، وترشيح الأسماء كان بالتعاون مع المؤسسات الخيرية ولجان الزكاة في كل منطقة بحكم أنهم الأقرب للمواطنين، وربما أكثر معرفة بحقيقة ظروفهم، والتنفيذ أوكل لفريق مشترك من الدائرة والمؤسسات في المناطق.

ويتابع: "عمومًا كان مشروعًا ناجحًا ويحمل أثرًا إيجابيًّا على حياة وظروف المستفيدين منه، والجهد الذي بذل فيه كان كبيرًا جدًّا، ووفرنا لجميع المستفيدين رقمًا للتواصل عند حدوث أي مشكلة".

وعملت الحاضنة في المشروع بصمت خشية تدخل الاحتلال في حينه لمنع أو إعاقة إدخال الأجهزة والألواح الشمسية أو التسبب بضرر للتجار، إذ كانت في تلك المدة ذروة الحصار والتدقيق في كل ما يتعلق بمشاريع الحركة.

ويوضح عياد أن أبواب دائرة الحاضنة الشعبية مفتوحة للمساهمة في تلقي طلبات وشكاوى المواطنين جميعًا دون استثناء أو تمييز، والعمل على حلها وتوفير ما يمكن حسب الإمكانات المتاحة، "من أجل رد الجميل لهذا الشعب الصابر الذي يستحق الكثير".

ويختم حديثه: "إن الاحتياج لم ينتهِ ولكن تحسنت الكهرباء نوعًا ما، إضافة إلى أننا في الحاضنة توجهنا إلى مشاريع أخرى لا تقل أهمية عن تغطية الحالات الملحة والعاجلة المحتاجة إلى طاقة بديلة".


 

اخبار ذات صلة