لماذا ترفض جل الدول العربية دخول القوى الإسلامية لمنظمة التحرير الفلسطينية؟! هذا السؤال يقتضي العودة للخلف لحقبة إنشاء منظمة التحرير، إذ تقول المصادر التاريخية: عندما نشأت حركة فتح كحركة مقاومة فلسطينية ظنت القيادة المصرية أن فتح منظمة إسلامية يقف وراءها الإخوان المسلمون لا سيما أن بعض أعضاء فتح المؤسسين كانوا أعضاء في جماعة الإخوان أو قريبين منها.
كان القرار المصري الذي اتخذه عبد الناصر هو مواجهة هذا التنظيم الذي نشأ بعيدًا عنه، بإعلان قيام منظمة التحرير بقيادة أحمد الشقيري رحمه الله، وإعلان إنشاء جيش التحرير الفلسطيني وتدريب ضباطه في مصر. ثم أخذ من جامعة الدول العربية اعترافًا بمنظمة التحرير ممثلة للفلسطينيين.
وبعد نكسة ١٩٦٧م واستقالة أحمد الشقيري من منصبه، حل ياسر عرفات محله بقرار من مصر ومن جامعة الدول العربية، وورث تنظيم فتح بقيادة عرفات منظمة التحرير ومؤسساتها، وباتت المنظمة ممثلة للفلسطينيين في الجامعة وفي خارج الجامعة، وتبنت المنظمة سياسة تتوافق مع سياسة الجامعة العربية والدول العربية المؤثرة والممولة، ومنذ ذلك التاريخ باتت الجامعة العربية مرجعية منظمة التحرير.
في هذه الحقبة الممتدة من نكسة ١٩٦٧م وحتى تاريخه، وقيادة منظمة التحرير بقيادة ياسر عرفات، ثم بقيادة محمود عباس، يرفضون دخول حماس والجهاد وأي فصائل إسلامية إليها بشكل يوازي حجمها في الشارع أو حجمها في مؤسسات المجتمع المدني والنقابات، وفي كل المفاوضات بين قادة المنظمة وحماس عرضت فتح تواجدًا رمزيًّا لحماس في مؤسسات منظمة التحرير.
كانت حماس ترفض العرض الرمزي، وتصر على الشراكة الحقيقية المؤثرة. وحاولت حماس بتنظيم الفصائل العشرة إنشاء بديل، ولكن قادة الدول العربية والجامعة العربية رفضوا الاعتراف بجسم الفصائل العشرة، الذي تلاشى مع مرور الزمن بسبب رفض العرب لهذا الجسم.
والآن يبدي قادة العرب رفضًا أشد لدخول حماس إلى منظمة التحرير لا سيما بعد عقد اتفاقات عربية للتطبيع مع (إسرائيل) مع تبادل السفراء، وبعد اعتراف المنظمة (بإسرائيل) وعقد اتفاق أوسلو، وتبني خيار المفاوضات بدل المقاومة.
ولما اشتد غضب قادة الدول العربية على الإخوان وعلى حماس بعد ثورات الربيع العربي، الأمر الذي نتج عنه وصف الإخوان بالإرهاب، ثم إلحاق كتائب القسام بهذا الوصف، بات من المستحيل قبول العرب لدخول حماس لبيت المنظمة دخولًا مؤثرًا يوازي حجمها، وعليه فكل ما يقال عن انتخابات قادمة للمجلس الوطني، أو تشكيل مجلس وطني بالتوافق لا أساس له، وإن كل ما يقال عن إصلاح منظمة التحرير هي أقوال شاردة في إطار التمنيات لا أكثر ولا أقل. فتح ترفض، والعرب يرفضون. وعلى الفصائل الإسلامية الانتظار أو تغيير جلدها لتحظى بجزء من الموافقات العربية؟!