مع نهاية عام 2020، ما زال الاقتصاد في قطاع غزة يعاني سياسة الحصار التي يفرضها الاحتلال على غزة للعام الثاني عشر على التوالي، هذا إضافة إلى الحروب والهجمات العسكرية الإسرائيلية المتكررة على القطاع، التي عمقت من الأزمة الاقتصادية نتيجة للدمار الهائل الذي خلفته للبنية التحتية وكل القطاعات والأنشطة الاقتصادية.
كما أن التأخر في عملية إعادة الإعمار خصوصا في القطاع الاقتصادي وعدم تعويض المنشآت الاقتصادية، أدى إلى تداعيات خطِرة على الأوضاع الاقتصادية في غزة، حيث حذرت العديد من المؤسسات الدولية من تداعيات إبقاء الحصار المفروض على القطاع وتأخر عملية إعادة الإعمار على كل النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية.
وبالرغم من إعلان الاحتلال المتكرر تسهيلات لتخفيف حدة الحصار الذي تفرضه على القطاع منذ منتصف عام 2007، فإن الواقع على المعابر عكس ذلك تماما، فهي لا تزال تمنع مئات الأصناف من السلع والبضائع والمواد الخام من دخول القطاع، وتمنع حركة التصدير والتسويق في أسواق الضفة الغربية للعديد من المنتجات الصناعية والزراعية منعًا شبه كلي.
ولم يشهد عام 2020 أي تغير في واقع المعابر، فكل معابر القطاع التجارية مغلقة، وبعضها أُزيل بالكامل، ويتنافى إغلاق معابر القطاع مع اتفاقية باريس الاقتصادية الموقعة عام 1994، ومع اتفاقية المعابر الموقعة مع الجانب الإسرائيلي برعاية أمريكية وأوروبية بتاريخ 15/11/2005، إبان الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، التي تنص على عمل الممرات الموجودة في معبر المنطار "الذي أُغلِق في عام 2011" باستمرار، وفي حالات الطوارئ يسمح الاحتلال بتصدير كل المنتجات الزراعية من غزة في أثناء مواسم التصدير الزراعي، وما يعمل فقط معبر كرم أبو سالم، وهو الوحيد الذي يعمل حتى اللحظة وفق الآلية السابقة لما قبل الحرب على قطاع غزة، فلم يتغير أي شيء على آلية عمل المعبر من حيث ساعات العمل، وعدد الشاحنات الواردة، ونوع وكمية البضائع الواردة.
ولا تزال سلطات الاحتلال تمنع دخول العديد من السلع والبضائع والمواد الخام والمعدات والآليات والماكينات وقطع الغيار وعلى رأسها مواد البناء، التي تدخل فقط وبكميات مقننة وفق آلية إعمار غزة لإدخال مواد البناء.
لم تتأثر حركة المعبر بجائحة كورونا التي تضرب العالم، إذ إن الواردات والصادرات بقيت في معدلاتها السنوية الطبيعية، حيث إن المعبر يعمل بالحد الأدنى، ومن خلال رصد حركة الشاحنات الواردة عبر كرم أبو سالم، بلغ عدد الشاحنات الواردة من مختلف الأصناف المسموح دخولها إلى غزة نحو 96 ألف شاحنة خلال عام 2020، مقارنة مع نحو 95 ألف شاحنة خلال عام 2019، ونحو 101 ألف شاحنة خلال عام 2018 من مختلف الأصناف المسموح دخولها إلى غزة باستثناء عدد شاحنات المحروقات الواردة.
وعلى صعيد خروج البضائع من القطاع خلال عام 2020، فقد بلغ عدد الشاحنات الصادرة نحو 3175 شاحنة إلى أسواق الضفة الغربية والأسواق الإسرائيلية والخارج، مقارنة مع نحو 3145 شاحنة خلال عام 2019، ونحو 2600 شاحنة خلال عام 2018، وهذا يمثل ما نسبته 50% من عدد الشاحنات الصادرة من قطاع غزة قبل فرض الحصار.
بلغ إجمالي عدد الشاحنات الصادرة لخارج فلسطين خلال عام 2020 نحو 162 شاحنة، والضفة الغربية 2380 شاحنة، والاحتلال 632 شاحنة، وهذا يدل على أن السوق الرئيس لمنتجات غزة هي أسواق الضفة الغربية، وما زال المصدرون والمسوقون من غزة يواجهون العديد من المشكلات في أثناء خروج بضائعهم من غزة، ومنها عدم توفر الإمكانات في معبر كرم أبو سالم لخروج المنتجات الزراعية والصناعية إلى الخارج، وتنزيل وتحميل البضائع لعدة مرات؛ ما يؤثر في الجودة، خصوصا في السلع الزراعية، هذا إضافة إلى مواصفات خاصة بالتغليف والتعبئة؛ ما يساهم في مضاعفة تكاليف النقل على المصدر الفلسطيني.
الآن وبعد 14 عامًا من الحصار الخانق، مطلوب من كل المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي، الخروج عن صمتهم، والقيام بواجباتهم القانونية والإنسانية نحو السكان المدنيين في القطاع وتوفير احتياجاتهم الأساسية وتحريرهم من أكبر سجن في التاريخ من حيث المساحة وعدد السجناء، والضغط الحقيقي والجاد على الاحتلال من أجل فتح كل معابر القطاع أمام حركة الأفراد والبضائع، والعمل على إنهاء هذا الحصار الظالم فورًا.