مصر توجه الدعوات للفصائل لحضور اجتماعات القاهرة منتصف مارس الحالي لاستكمال مناقشة القضايا المرحَّلة من الاجتماع السابق، والقضايا المؤجلة التي لم تناقش. ولعل من أهم قضايا الاجتماع القادم قضية البرنامج السياسي، وقضية انتخابات المجلس الوطني. ومن المعلوم أن قضية المجلس الوطني قضية شائكة لأسباب عديدة، منها:
أن مفاتيح فتح أبواب المجلس الوطني هي في يد محمود عباس نفسه، والرجل لا يرحب بالفصائل الإسلامية، ويرى أن دخولها في المجلس الوطني يثقل كاهله، ويعوق برنامجه السياسي، وهو يخشى أن تسيطر هذه القوى على مؤسسات المجلس، ومؤسسات منظمة التحرير، وقد يؤثر وجودها سلبًا في موقف الدول الأوروبية من المجلس ومن منظمة التحرير.
ومن معوقات التغيير أيضًا أن دولًا عربية نافذة ومؤثرة في القرار الفلسطيني ترفض دخول الفصائل الإسلامية للمجلس الوطني، وترى في نفسها وفي الجامعة العربية وصية على منظمة التحرير، وعباس لا يستطيع تجاهل رفض هذه العواصم، والجامعة، بل قد يتخذ رفضها ذريعة لتأجيل النظر في قضية المجلس الوطني!
عباس يستغل الوجود التاريخي لحركة فتح مسيطرة على المجلس الوطني، ويستغل الموقف الدولي والعربي لإعاقة دخول الفصائل الإسلامية، وإذا ما أذن لها بالدخول فسيسمح لها بدخول رمزي لا يؤثر في قرارات المجلس، وهو يملك أن يشهر ورقة رفض الأردن ولبنان وسوريا لإجراء انتخابات للمجلس على أراضيها، في وجه الفصائل الإسلامية!
الطرح الوحيد أمام عباس والفصائل هو مبدأ التوافق على نسب تمثيل وكوتات مهنية، وفي هذا المبدأ ستحظى الفصائل بوجود تمثيلي أقرب للرمزية، وفي حال رفض الفصائل هذا النوع من المشاركة سيغلق عباس القضية ويحمّل الفصائل المسئولية، ولا أحسب أن اجتماعات القاهرة ستخرج بمخرجات مفاجئة أو بعيدة عن هذا السيناريو.
لقاء القاهرة ليس عصا سحرية تملك الحل، ولو كان كذلك لكانت الأطراف قد رسمت خطوط الاتفاق مبكرًا، ولما لجأت للترحيل والتأجيل. هذا ومن المعلوم أن الفصائل الإسلامية تعول كثيرا على الدخول للمجلس الوطني بشكل مؤثر، باعتباره المنبر الوطني العام الذي ينبغي له أن يقود عملية التغيير والإصلاح في مؤسسات منظمة التحرير والسلطة، وفي مراجعة البرنامج السياسي وتطويره، ولكن ما تأمله الفصائل الإسلامية ما زال بعيد المنال، وغدًا يأتينا لقاء القاهرة بالخبر اليقين في هذه القضية.