ينفذ الاحتلال الإسرائيلي سلسلة متتابعة من المشاريع الاستيطانية والتهويدية الرامية لفرض سيطرته المُطلقة على المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، فصلًا عن تشديد الإجراءات المفروضة على المصلين في أثناء دخولهم إليه.
وكان آخر المشاريع الاستيطانية، ما صدّقت عليه محكمة الاحتلال العليا للبدء بتنفيذ مشروع المصعد وملحقاته الخاصة بمعاقي المستوطنين، وذلك بعدما ردّت التماسا تقدمت به بلدية الخليل رفضا لبناء مبانٍ استيطانية ملاصقة للمسجد.
ويبدو أن الاحتلال يسعى لتكرار سيناريو المسجد الأقصى المتمثل بتسهيل اقتحامات المستوطنين يوميا لممارسة طقوسهم التلمودية، إضافة إلى محاولات تزييف تاريخه وقلب الحقائق حول رمزيته الدينية والإسلامية.
مدير لجنة إعمار مدينة الخليل عماد حمدان، أفاد بأن المخطط الاستيطاني الجديد عبارة عن "مصعد" معدني ضخم، سيُبنى بزعم تسهيل وصول مُعاقي المستوطنين وكبار السن منهم.
وأوضح حمدان في حديث لصحيفة "فلسطين" أن المشروع سيُبنى في محيط المسجد الإبراهيمي، حيث سيستولي على قرابة 90 مترا من ساحته، إضافة إلى 294 مترا من الخارج مخصصة للطرق المؤدية للمسجد.
وأكد أن المخطط من شأنه أن يُغير المشهد العام للمسجد الإبراهيمي، وأن الاحتلال يتذرع بأنه مشروع "إنساني لخدمة كبار السن من المستوطنين وتسهيل وصولهم إليه".
ولفت إلى أن المصعد سيُنشأ من جهة الباب الذي خصصه الاحتلال لدخول المستوطنين، بعدما قسّم المسجد زمانيا ومكانيا في أعقاب المجزرة التي وقعت فيه في 25 فبراير/ شباط 1994.
وعدّ هذه الذريعة "تغليفا بطابع إنساني، وإنكارا للحقيقة"، إذ يسعى الاحتلال لتهويد المسجد الإبراهيمي وبسط سيطرته الكاملة عليه، مشيرا إلى أنه يُسيطر عمليا على كل مفاصل المسجد سواء الجهة المخصصة للمستوطنين أو المسلمين.
وبيّن أن الاحتلال يمارس إجراءات عنصرية بحق المسجد ويُحكم السيطرة على جميع مداخله، حيث يتحكم بالمصلين والزوار وساعات دخولهم، فضلًا عن التحكم في البوابات الإلكترونية وكاميرات المراقبة.
بدوره قال مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" سهيل خليلية، إن مخططات الاحتلال لم تقتصر على هذا المخطط، إنما يريد من خلاله تحقيق أهداف استيطانية أكبر في المستقبل.
وأوضح خليلية في حديث لـ"فلسطين" أن الاحتلال يتجه إلى عزل المسجد الإبراهيمي بالكامل عن مدينة الخليل، مشيرا إلى أنه يسعى لضم منطقة (H2) له، ومن ضمنها المسجد.
وبحسب قوله، فإن الاحتلال يسعى لعزل المسجد عن محيطه، وجعل وصول المسلمين إليه من خلال تصاريح خاصة في المستقبل، مشيرا إلى أن تكثيف البناء الاستيطاني في منطقة (H2) التي تبلغ مساحتها 8 آلاف دونم وتُشكّل 20% من مساحة الخليل ومدى سرعته خلال السنوات الماضية، يدلل على وجود مخطط لدى الاحتلال بتحويل كل محيط المسجد إلى حي يهودي كما في القدس المحتلة.
ولفت إلى أن الاحتلال بدأ تهجير السكان من البلدة القديمة ومحاصرة محيط المسجد الإبراهيمي وتعزيز الاستيطان وعزل الفلسطينيين وتقييد وصولهم للمسجد، متوقعا استغلاله هذا المصعد بتحويله إلى مزار ديني وسياحي.
ومنذ عام 1994 يُقسّم الحرم الإبراهيمي إلى قسمين، قسم خاص بالمسلمين، وآخر باليهود، نتيجة قتل مستوطن يهودي 29 مسلما في أثناء تأديتهم صلاة الفجر يوم 25 فبراير من العام ذاته.
وما زال الاحتلال يحاول ضمن سياسة ممنهجة، السيطرة على المسجد الإبراهيمي وإلغاء السيادة الفلسطينية عليه، وإلغاء عده وقفا إسلاميا خالصا.
وفي عام 2020 أغلق الاحتلال المسجد 77 يومًا ومنع رفع الأذان فيه 599 وقتا.