فلسطين أون لاين

العلاج المبكر أعاد صوت الحياة لمسامع "منة"

...
غزة- ريما عبد القادر:

كلما سمعت رينال الخطيب "38 سنة" كلمات طفلتها منة، زاد قلبها فرحًا وتشجيعًا لها، لا سيَّما أنها وجدت بفضل الله (تعالى) ثمرة الجهود الطيبة بعد زراعة القوقعة، ومتابعة جلسات العلاج لها، الأمر الذي جعل منها طفلة لا تختلف بشيء عن غيرها، بل بالعكس تجدها أكثر اجتهادًا وتميزًا عن أقرانها.

فكانت متابعتها لها في الشهور الأولى من ولادتها وإجراء فحص تخطيط السمع في شكل مبكر، له الأثر الكبير في معرفة العلاج المناسب لها، وبذلك جعلها مثل أقرانها لا تختلف عنهم بشيء.

زراعة القوقعة

الفرحة كانت واضحة على ملامح الخطيب كلما نظرت لطفلتها منة وهي تشارك الحديث، إذ تقول لصحيفة "فلسطين": "بفضل من الله (تعالى) إنها مثل غيرها من الأطفال، إذ ساعد اكتشاف الحاجة للعلاج في وقت مبكر في مواكبة كل المستجدات في حياتها والنمو الطبيعي لها".

وتستكمل كلماتها في الحديث عن تجربتها الناجحة في معالجة مشكلة السمع لطفلتها: "حينما كانت منة في الشهور الأولى من ولادتها كنت أجد أنها لا تتفاعل معي، الأمر الذي جعلني أتوجه بها للطبيب الذي طلب مني أن أجري تخطيطًا لعصب السمع، وتبين أن طفلتي لا تسمع".

وتوضح أنها عملت مباشرة على معرفة خطوات علاجها، فكانت تحتاج إلى زراعة قوقعة (جهاز إلكتروني يعيد المقدرة على السمع)، وتمت زرعتها ومتابعة العلاج لها.

وبمجرد أن سمعت منة اسمها حتى جاءت لتشارك الحديث وأخذت تعد الأرقام من واحد حتى عشرين، الأمر الذي يؤكد قدرتها على السمع والتكلم.

نجاح العملية بالتأهيل

المتابعة والاهتمام كانا واضحين على الخطيب لحالة طفلتها، إذ تؤكد أن نجاح عملية زراعة القوقعة يعتمد على التأهيل، الأمر الذي جعلها تتابع الجلسات في مستشفى "سمو الشيخ حمد للتأهيل والأطراف الصناعية بغزة والممول من صندوق قطر للتنمية"، وهذا ساعدها كثيرًا في تعلم المهارات اللازمة في مساعدة طفلتها بأنها مثل غيرها تسمع وتتكلم.

وفي نصيحة حملت تجربتها الناجحة وجهتها لكل أم، أن تتابع حالة طفلها بعد الولادة لمعرفة أي متغيرات أو عدم استجابة الطفل للصوت، لأن الاكتشاف المبكر يعطي نتائج متقدمة في الاستجابة للعلاج ويجعل الطفل مثل أقرانه.

وتتابع حديثها: "لا تجعلي المجتمع كل ما يشغلك، بل قدمي اهتمامك لأطفالك على ما قد يقال بأن هذا الطفل زرع قوقعة أو أنه يحتاج لجلسات تأهيل، فعلاج طفلك المبكر سيجعل منه إنسانًا لا يختلف عن غيره، وعلميه بالطريقة التي تناسبه ويستطيع بها أن يفهم ما يدور من حوله حتى وإن نظر البعض لطريقتك بأنها غريبة".

ويشار إلى أن الثالث من مارس في كل عام هو اليوم العالمي للسمع، والذي يُعد بمنزلة الحملة السنوية التي ينظمها مكتب الوقاية من العمى والصمم التابع لمنظمة الصحة العالمية، إذ تقام أنشطة حول العالم تستهدف بها تعزيز الإجراءات التي تهدف إلى الوقاية من فقدان السمع وتحسين رعايته.

الإعاقة السمعية

ويقول مدير المستشفى الطبيب رأفت لبد: "إن الإعاقة السمعية أكثر إعاقة تعمل على عزل الإنسان عن المجتمع، حيث تُدخل المريض في حالة اكتئاب إن لم تُعالج، خاصة أنها تتعلق بحاسة النطق". وفي حديث مع صحيفة "فلسطين" يضيف: "هذا الأمر جلب انتباه دولة قطر الشقيقة التي عملت على إنشاء هذه المستشفى التي تعد المكان الوحيد من حيث تقديم حالة الكشف المبكر وزراعة القوقعة والتأهيل ما بعد الزراعة، أي إنها تقدم الخدمة العلاجية تقديمًا متكاملًا، وبمستوى عالٍ من الجودة ليس في فلسطين فحسب، بل أيضًا على مستوى الدول المجاورة". ويبين د. لبد أن الكشف المبكر يؤدي إلى العلاج المبكر وهو الأفضل للطفل، لافتا إلى إدراج وزارة الصحة فحص السمع للطفل خلال أول أسبوع من ولادته، لمعرفة مدى وجود استجابة من الدماغ للإشارات السمعية، وتحديد إن كانت هنالك مشكلة في السمع للطفل أو لا. ويشير إلى أن عملية زراعة القوقعة حساسة جدًا، وهي غالية الثمن، إذ يصل سعرها إلى ما يقارب 20 ألف دولار، وتدفع تكاليفها جهات متبرعة، إذ أُجريت زراعة 180 قوقعة للأطفال الذين يحتاجون إليها. ويذكر أن الطاقم الطبي القطري برئاسة فريق زراعة القوقعة الطبيب خالد عبد الهادي، كانوا يجرون العمليات، ودرَّبوا الكوادر الطبية الفلسطينية لإجراء مثل هذه العمليات. وينصح الأهل والمعلمين، إذ وُجد طفل لا يتجاوب معهم، فإن عليهم إدراك أن الطفل لا يسمعهم وهو بحاجة إلى العلاج. ويلفت إلى أن حجم السعادة وهي ترتسم على وجوه الأطفال وأهلهم عند المرة الأولى للسمع من الصعب وصفه، يدفع الطاقم الطبي إلى العمل بكل الجهود الممكنة لأجلهم.

وللحفاظ على نعمة حاسة السمع كان لا بد من الاستماع إلى نصائح رئيس قسم السمع والتوازن في المستشفى، الاختصاصية بسمة صلاح، إذ تقول لصحيفة "فلسطين" :"إذ حدث أي شيء غير طبيعي في السمع، فلا بد من التوجه مباشرة إلى الطبيب المختص حتى يعالج الحالة، نظرًا إلى أن التأخر يعطل حاسة السمع تدريجيًّا". وتنصح من يستعملون السماعات سواء كانت لاسلكية أو غير ذلك، التي تكون قريبة من طبلة الأذن بالعمل على تقليل استعمالها قدر الإمكان، لأنها تعمل على تدمير الخلايا السمعية. وتشير إلى أن المهن خاصة في المصانع وتقطيع الباطون وغيرها من الحرف التي تكون فيها أصوات صاخبة تضر كثيرا حاسة السمع لدى العاملين فلا بد من استخدام واقٍ للأذن. وتوضح الاختصاصية أنه يوجد فرق بين أن تشعر في الألم وبين أن تكون في حالة تقول بها "أنا لا أسمع" فإنه مباشرة في حالة عدم السمع خاصة عند الاستيقاظ من النوم يجب التوجه للطبيب المختص. وتبين أن حماية السمع تكون مباشرة من خلال إجراء الأم فحصًا لوليدها للتأكد من سلامة سمع طفلها، وفي حال وجدت أي مشكلات صحية، فعليها العمل على عرضه على مختص، لتشخيص الحالة ومعرفة العلاج المناسب لها فكلما اكتشفت مبكرًا، جعل ذلك الطفل يعيش حياة طبيعية مثل غيره. وتحذر من استعمال "نكاشة الأذن" نظرًا لأنها تزيل المادة الشمعية في الأذن حتى يحميها من الملوثات أو أي جسم يقترب من التجويف الداخلي لطبلة الأذن. وتتابع الاختصاصية بسمة نصائحها الطبية: "في حال كان الطفل يعاني مرض السرطان أو غسيل الكلى وغيرها من الأمراض، لا بد أن تفحص حاسة السمع كل فترة للتأكد من سلامتها". وفي رسالتها لكل مَن يُجري معالجة لحاسة السمع من خلال زراعة قوقعة أو غيرها، أن عليه الشعور بالثقة بنفسه وأنه لا يختلف عن غيره، ويستطيع ممارسة حياته الطبيعية ويبدع في الكثير من المجالات.