لم تكتفِ سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتلفيق التهم للشيخ رائد صلاح والزج به في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بل تصر منذ أشهر على فصله داخل زنزانة عزل انفرادي، محاولة بذلك كسر إرادته والنيل من عزيمته بعد سنوات طويلة من عمره قضاها في الدفاع عن أولى القبلتين المسجد الأقصى المبارك.
وفي هذا الصدد، كشف عضو طاقم الدفاع عن رائد صلاح، المحامي خالد زبارقة، تفاصيل معاناة الشيخ داخل سجنه، والذي كان يرأس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل قبل أن تقرر سلطات الاحتلال حظرها.
وفي تصريح لـ"فلسطين"، أكد زبارقة أن سلطات الاحتلال تواصل التنكيل بالشيخ رائد، الأمر الذي يهدد حياته بالخطر، بعد مسلسل طويل من التضييق والملاحقة المتواصلة طيلة السنوات الماضية.
وشملت الانتهاكات التي تعرض لها رائد صلاح الشهير بـ"شيخ الأقصى": الحبس المنزلي، والمنع من السفر، والحرمان من دخول مدينة القدس المحتلة والصلاة في المسجد الأقصى المبارك، وغيرها من الإجراءات العقابية، فقط لأنه رفع شعار "الأقصى في خطر" من أجل الدفاع عن أولى القبلتين.
وبين زبارقة أن صلاح يقبع منذ اعتقاله بتاريخ 16 آب/ أغسطس 2020، في زنزانة صغيرة.
ونبَّه زبارقة إلى أن الشيخ صلاح أمضى فترة سجنه السابقة (11 شهرًا) والحالية (17 شهرًا) والتي بقي منها 11 شهرًا، في العزل الانفرادي داخل زنزانة صغيرة وحده، فيها سرير خرساني (باطون) ومرحاض وقرص كهربائي لإعداد الطعام وثلاجة صغيرة، إضافة إلى مكان صغير لأغراضه وكتبه، وتسمح له سلطات سجون الاحتلال بالخروج من الزنزانة إلى الساحة بين غرف العزل فقط ساعة واحدة يوميًّا في النهار.
ومن خلال هذه الانتهاكات بحق الشيخ صلاح، تحاول سلطات الاحتلال تغيير قناعات الشيخ بقوة السلطة ومحاكم الاحتلال والسجون والملفات الملفقة، بحسب زبارقة، مؤكدًا أن الشيخ رائد بقي ثابتًا صامدًا رابط الجأش، يواجه طغيان الاحتلال الإسرائيلي وتسلطه وظلمه بشجاعة.
وبين أن العزل الانفرادي أحد أنواع التعذيب النفسي الذي تلجأ إليه إدارة سجون الاحتلال، وتمارسها بحق الأسرى الفلسطينيين المحكوم عليهم بالسجن بشكل يخالف القوانين والأسس التي بنيت عليها حقوق الإنسان في العالم والتي تمنع أصلاً تمنع الملاحقة والمحاكمة على الرأي أو الملاحقة السياسية والدينية، وهو ما حصل مع الشيخ رائد.
من جهته، قال نائب رئيس الحركة الإسلامية المحظورة في الداخل الفلسطيني المحتل، الشيخ كمال الخطيب: "مجرد اعتقال وسجن الشيخ رائد بحد ذاته معاناة كبيرة له، تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي بذلك إلى تحييده عن المشهد".
وذكر الخطيب، وهو مسؤول لجنة الحريات في الداخل المحتل، أن الشيخ صلاح عندما اعتقل في 2017، بعد هبة الأقصى لإفشال مشروع البوابات الإلكترونية، زجت به سلطات السجون سنة كاملة داخل زنازين العزل، ولاحقًا أبعدته إلى قرية كفر كنة لمدة 6 أشهر، ثم أعادته إلى الحبس المنزلي ومنعته من التواصل مع أي جهة كانت.
وأوضح الخطيب أن الشيخ صلاح كان يقضي فترة حكمه في سجن "عسقلان" قبل أن يقرر الاحتلال نقله، مؤخرًا، إلى سجن "أوهلي كيدار" في بئر السبع المحتل، في زنازين العزل أيضًا.
وشدد على أن ما يتعرض له الشيخ صلاح "يعكس صورة حقيقة الواقع الصعب لاستخدام سلطات الاحتلال كل الوسائل لممارسة الضغوط المختلفة عليه، لكن المحامون يطمئنونا دائمًا أن الشيخ رائد بصحة جيدة ومعنويات عالية جدًا، ويعلم أن هذا ثمن لا بد أن يدفع مقابل الحفاظ على الثوابت الدينية والوطنية التي يمثلها الشيخ رائد بشكلها الواضح والجريء".
وأضاف الخطيب: "واضح أن ما تفعله سلطات الاحتلال وأذرعها المختلفة، يشكل حربًا نفسية ومعنوية على الشيخ صلاح بهدف كسر إرادته، وهزيمته، وهذا لن يكون بالنسبة للشيخ صلاح، لأنه يعلم أنه يمثل شريحة كبيرة من الداخل الفلسطيني، وهو مصر على استمراره برفع راية الحق ومواجهة الظلم الإسرائيلي بحق المسجد الأقصى والقدس وقضية الشعب الفلسطيني، وهذا لن يكون لهم، ومعركة الاحتلال خاسرة إن ظنوا أنهم من خلالها سيحققون مبتغاهم في كسر معنوياته".
من جهته، حذَّر مركز الإنسان للديمقراطية والحقوق من السياسة العنصرية التي تتبعها سلطات الاحتلال، مع الشيخ صلاح في سجنه، إذ ما زال محتجزًا في عزله الانفرادي منذ ستة أشهر.
وجاء في بيان صادر عن المركز: إن "ما يتعرض له الشيخ صلاح، من سوء احتجاز وتضييق عليه وتعريض حياته للخطر بعد تدهور وضعه الصحي، يعبر عن الوجه الحقيقي للإرهاب العنصري الذي يمارسه الاحتلال ضد الشخصيات الفلسطينية التي تدافع عن القضية الفلسطينية".
وذكر المركز أن الشيخ صلاح تعرض وعلى مدار سنوات للتضييق من خلال الاعتقال، والحبس المنزلي، والمنع من السفر، والحرمان من دخول مدينة القدس المحتلة والصلاة في المسجد الأقصى المبارك، وغيرها من الإجراءات العنصرية بحقه.
وقال: إن سياسة التعذيب التي تتبعها سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين تخالف القوانين والأسس التي بنيت عليها حقوق الإنسان، ويخالف القانون الدولي الذي كفل للإنسان الحق في التعبير عن الرأي وممارسة شعائر العبادة.
وحمل المركز سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن الخطر الذي يتعرض له الشيخ صلاح، مطالبًا الجهات المدافعة عن حقوق الإنسان كافة بالتدخل للإفراج عنه.