إن الإسلام هو أساس وحجر الزاوية في المشروع القومي العروبي، فالإسلام هو وسيلة النهوض ومحوره فلا يمكن النهوض بأي مشروع لا يأخذ بالحسبان إن الاسلام هو باعث وحاضنة الوجود القومي والحضاري للأمة العربية.
الشعب العربي غالبيته العظمى تدين بالإسلام وهو عمقه الثقافي ويرى انه الأصح دينا ونظام حياة وهو عنوان وحدته ونهضته حضارة وتاريخا، والاسلام خط الدفاع عن الامة وجبهتها المنيعة في مقاومة الظلم والاستبداد داخليًّا، وضد الغزو الأجنبي، والمتتبع لتاريخ الأمة لأربعة عشر قرنًا خلت يجد أن كل حركات التحرر والثورات تحمل راية الاسلام ولم تحظَ راية غيرها بالقبول بل صدت لأنها خارجة عنها، فكان الغزاة الأجانب يحاولون بشتى وسائل القهر والقمع والاستبداد استهداف الإرث الديني والحضاري للإسلام متذرعين بأدوات الاستشراق والبنى الاقتصادية والفكرة للاستعمار ليتسنى لهم أضعاف البنية ونهب خيرات الوطن العربي واحتلاله واستعباده ولكن هيهات من هذه الامة الذلة، فكانت كل وسائلهم دون جدوى، فكان الشعب لا يجد الا في الاسلام الجهادي المقاوم ملاذًا له في أوقات الشدة ويجعله حصنًا ضد الفساد والانحلال الأخلاقي فيتمسك بهدي الاسلام ويقاوم وببطولة ضد الظلم والاستبداد وضد الغزو الاجنبي فكان الشعب ينتصر اذ يهب موحدا بالاسلام لدحر الغزو الاجنبي متحملا الصعاب غير مستسلم للعدو الأجنبي.
بل رافض ومقاوم لكل مشروع خارج العمق الحضاري العربي (الاسلام)موقنا ان لا نجاح لمشاريع الذلة والتبعية في بلادنا، لذا يجب ان يخضع المشروع القومي العربي الى مراجعة تاريخية وفكرية وتطويريه تؤسس له وتبعثه من جديد، مستندا على روح الإسلام الذي تميز في مراحل قوته بالانفتاح والتسامح واستيعاب الآخر والبعد عن التطرف والجمود مقدما قراءة للحاضر وللحضارة وللمستقبل ضمن طيف واسع من الأخلاق والتأويل المنحاز لمشروع حضاري منفتح لا إلى تأويل مشوه وانعزالي، هذا المفهوم الذي وجد في المشاركة والتعاضد بين ما هو ديني وما هو قومي هو اساس المشروع الحضاري العربي الإسلامي٠
ان الخلل الذي اصاب المشروع القومي العربي صنعته ايدي الكثير من الحزبيين والسياسيين والمثقفين خلال العمل القومي النضالي، لذا لا بد ان يقر اصحاب المشروع القومي ان الاسلام رسالة حضارية وهو الذي يسهم في إنضاج برنامج المشروع القومي العربي والاقرار بأن العرب بناة الدولة الأولى، وحافظي رسالة الاسلام، فلا بد من الدعوة للحوار من أجل التقدم في المشروع القومي العربي الاسلامي، ان هذه الدعوة مطلوب بقوه ان تكون مقدمة الاولويات في ظل هذا التكالب الاستعماري علينا بمشاريعه واملاءاته السياسية، ومحاولة فرضها وتنفيذها من قبل نظام التجزئة العربي الاقليمي السايكسبيكي وما يسمى الشرعية الدولية التي تثبت حقا لليهودية السياسية في فلسطين.
ان وحدة الفهم القومي العربي الاسلامي هو المدخل للمراجعة التاريخية والتأكيد ان الاسلام هو الاساس للفهم والاصل، ان هذا الفهم اصيب بالخلل واصيب بالتراجع نتيجة الصدام مع القوى الاسلامية والعمق الثقافي للأمة، وذلك بسبب نشوء قوى مسيطرة في المدرسة القومية تدعو الى العلمانية والتغريب ونصبت العداء الى الدين مما اوجد فجوة عميقة بين مدرسة القوى الاسلامية والمدرسة القومية لذا ادعو الى التأكيد ان (لا عزة للمسلمين بدون العرب ولا دولة وحدة للعرب بدون روحه الاسلام).
ان وحدة المشروع القومي بعمقه الاسلامي، كفيل بنهضتها وصد الهجمة الاستعمارية، فلا تحرير لفلسطين و وحدة ونهضة الامة الا بالإسلام المقاوم المستنير، وبعبارة اخرى ان العمل لنهضة الامة لا يتم الا باستراتيجية الجهاد والعمل القومي المجاهد كون فلسطين تمثل محورا فكريا مركزيا جامعا يوحد العرب والمسلمين ويلتفون حوله ويمثل قوة للمشروع النهضوي العربي، يستعيدون به دورهم الحضاري.
ان نتائج وحدتهم وجهادهم وتضحياتهم لتحرير فلسطين تمتد وتحدث تغييرا شاملا على الساحة العربية والاسلامية، حيث ان مشروع المقاومة العروبية والاسلامية لا يصطدم بالكيان الصهيوني المسمى (اسرائيل) فقط انما يصطدم ايضا بالقوى العالمية والاقليمية المعادية للعروبة والاسلام. يصطدم في الكيان الصهيوني المسمى إسرائيل لأنها تمثل وظيفة القوى الاستعمارية والاقليمية الطامعة لإفشال اي نهضة عروبية واسلامية
كل ذلك يقتضي من اهل المشروع القومي العربي ان يرصوا الصفوف مع القوى الاسلامية المجاهدة في فلسطين ويكونوا معهم لا عليهم للمحافظة على الشعب في مواجهة العدو الواحد وافشال مخططاته في تمزيق الصفوف الذي من شأنه ان يضعف البنيان المرصوص المقاوم.
وايضا مطلوب من القوى الاسلامية المستنيرة والمجاهدة حرصها على استيعاب جهود القوى القومية العروبية ورص الصفوف معها لدحر العدو الصهيوني ومقاومة الغزو الاجنبي ومشاريعه، وتجنب الاتهامات والتمسك بالحكمة والموعظة الحسنة والفعل الايجابي المقاوم.
ان وحدة المشروع القومي العربي الاسلامي المقاوم يشكل اساسا، لمشروع النهضة وضمانا لتحقيقه.