فلسطين أون لاين

تحليل حقوقيان: التلاعب بالسجل الانتخابي وصفة خطِرة لـ"تفجير الانتخابات"

...
صورة أرشيفية
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

عدّ حقوقيان واقعة التلاعب بسجل الناخبين "جريمةً" يعاقب عليها القانون الفلسطيني، معربين عن اعتقادهما بأنها عملية منظمة وليست فردية، يُراد منها "تفجير العملية الانتخابية" قبل أو بعد الانتخابات إذا ما خالفت النتائج رغبة السلطة التنفيذية بالضفة الغربية المحتلة التي تسيطر على القضاء.

وكان المتحدث باسم لجنة الانتخابات المركزية فريد طعم الله، قال الأربعاء الماضي: "تلقينا شكاوى من مواطنين تفيد بتغيير أماكن مراكز اقتراعهم في الضفة، وفور تلقي الشكاوي قمنا بعملية فحص فوجدنا عشرات المخالفات، وتقدمنا بطلب رسمي للنائب العام للتحقيق ومحاكمة الفاعلين".

جريمة منظمة

ولفت المختص في الشؤون القانونية والحقوقية المحامي عصام عابدين إلى أن عملية التلاعب في السجل الانتخابي لا يمكن أن تكون "جريمة فردية"، مردفًا أنه من الواضح أن هناك أكثر من اعتبار لاقتراف هذه الجريمة بالنظر للتوقيت والمضمون من حيث حدوثها في اليوم الأخير للتسجيل، الأمر الذي يشي بأن من ارتكبها يسعى لإرباك منافسين سياسيين.

وأوضح عابدين في حديث لصحيفة "فلسطين" أن الأمر يراد منه إرباك الناخبين، بمعنى أن يأتي يوم الاقتراع في 22 مايو/ أيار المقبل فلا يجد الناس أسماءهم في المراكز التي سجلوا فيها، إضافة إلى أن هذا التلاعب قد يكون مقدمة للتشكيك لاحقا بالنتائج من خلال القضاء إذا لم تكن على مقاس السلطة التنفيذية".

وتابع "سبق وحذرنا من خطر إجراء العملية الانتخابية في ظل عدم استقلالية القضاء ووجوده بيد السلطة التنفيذية، ما يجعل من التلاعب في السجل الانتخابي مقدمة لتفجير هذه العملية أو تفجير عملية تشكيل المجلس التشريعي بعد الانتخابات".

وأشار إلى أن "تفجير العملية الانتخابية" من خلال القضاء العادي المتمثل في مجلس القضاء الأعلى برئاسة القاضي المعين عيسى أبو شرار، أو بعد الانتخابات من خلال المحكمة الدستورية "غير الشرعية" وحل المجلس التشريعي، خطوتان يمكن أن تحصلا بحجة وجود تلاعب بالسجل الانتخابي".

وبيَّن أن المحكمة الدستورية لها سابقة تمثلت في حلها المجلس التشريعي المنتخب عام 2006 "بكل بساطة وصفاقة"، في تجاهلٍ لمصلحة الشعب وخطوةٍ لم يقم بها من قبل أي قضاء في العالم، مردفا "لكن من قام بالتلاعب هذه المرة كان ينقصه الذكاء، فمن المعروف أن هذا السجل ليس نهائيًّا وسيتم عرضه لمدة 3 أيام للنشر والاعتراض بدءًا من الأول من مارس/آذار المقبل، فكان من الطبيعي أن يتم اكتشاف فعلته".

وأشار عابدين إلى أن ما يؤكد أنها عملية منظَّمة وواسعة أنها شملت استخدام شرائح جوال والتلاعب بأرقام الهواتف، ما يخلق نوعًا من الفوضى تُستثمَر لاحقًا حسب مسار العملية الانتخابية، مرجِّحًا أن يكون الفاعل أراد إزاحة ناخبين يتوقع انتخابهم حزبًا منافسًا للسلطة التنفيذية القائمة.

وأشار إلى أن هذا التلاعب يمكن أن يحدث في الانتخابات الرئاسية، أو يعطِّلها، ما يجعل من ذلك وصفة لـ"الاقتتال الداخلي".

وكرر تحذيره كجهة حقوقية من إجراء الانتخابات دون وجود قضاء نزيه ومستقل، بإلغاء "القرارات بقانون" التي أصدرها رئيس السلطة محمود عباس، وإلغاء المحكمة الدستورية؛ لتأمين الانتخابات من أن تنقض عليها السلطة التنفيذية عبر أداة القضاء.

وقال: إن عملية التلاعب "جرس إنذار" للانتباه لخطر عدم استقلال القضاء وفشل الفصائل باجتماع القاهرة في حل هذا الملف، ما يستدعي منها مراجعة نفسها، عادًّا ما يحصل يؤكد أن التوافق في القاهرة ليس له رصيد على الأرض، وأن الانتخابات تحت مقصلة "السلطة التنفيذية".

وأكد أن المطلوب من النائب العام في الضفة الغربية اتخاذ إجراءات رادعة لمن قاموا بالتلاعب، مضيفًا "بتقديري في سياق الانهيار الحاصل في منظومة العدالة، فإن هناك عدة سيناريوهات ستحول دون الوصول للعدالة في هذه الجريمة وفي أفضل السيناريوهات سيتم اعتبارها جريمة فردية".

قلق شديد

من جهته، عبَّر رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" المحامي صلاح عبد العاطي عن القلق الشديد من عملية التغيير والتلاعب في أماكن الاقتراع للناخبين، ما يشكل مؤشرًا خطِرا، عادًّا أن من استطاع إحداث اختراق إلكتروني يمكن له العبث بالسجل الانتخابي.

وأضاف عبد العاطي لـ"فلسطين" أن تزامن الإعلان عن وجود هذا الاختراق والعبث مع انتهاء الفترة الزمنية الخاصة بتسجيل الناخبين بالسجل الانتخابي يعني أن الأمر يتجاوز مجرد العبث إلى محاولة جادة وحقيقة تهدف لوضع العراقيل أمام المسار الانتخابي.

وأكد الرفض المطلق لمحاولة العبث بالسجل الانتخابي الذي يجب سلامة بياناته الواردة فيه، مطالبًا النائب العام في الضفة الغربية بضرورة فتح تحقيق فوري وعاجل وشفاف بهذا الخصوص، وإعلان نتائجه على الملأ.

وشدد على ضرورة ضمان لجنة الانتخابات المركزية سلامة معلومات الناخبين؛ لضمان نزاهة الانتخابات، مضيفًا "لدينا إشكالية في الضمانات القانونية اللازمة لمنع عملية التلاعب في مسار الانتخابات".

وتابع "كنا قد طالبنا كحقوقيين بضمان استقلالية السلطة القضائية؛ بتشكيل محكمة انتخابات مستقلة وحيادية كما اتُّفق في القاهرة، لكن للأسف حتى الآن لم يُتَّفق على أسماء القضاة، ولم يصدر مرسوم رئاسي بالتعديلات المطلوبة على قانون الانتخابات".

وأردف "نخشى من غياب الضمانات القضائية اللازمة لمنع تكرار جريمة التلاعب، كنا نأمل تشكيل حكومة وحدة وطنية لضمان سير الانتخابات، لكن تأخرنا في ذلك فبالتالي المطلوب المزيد من الضمانات القانونية والقضائية لضمان عدم التلاعب في أي مرحلة من مراحل الانتخابات وخاصة في مرحلة الاقتراع المقبلة".