فلسطين أون لاين

شح الطاقة يدخل الخدمات بغزة في مراحل حرجة

...
أزمة الكهرباء تلقي بظلالها على الواقع الصحي في غزة (أرشيف)
غزة - مريم الشوبكي

مع اشتداد أزمة الكهرباء في غزة، يدخل القطاع مرحلة حرجة على الصعيد الصحي والبيئي، ووفقاً للمعطيات الرسمية التي تنذر بأزمات إنسانية وصحية وبيئية متراكبة، إذا ما بقيت فرص تحجيم المعضلة التي تعصف بغزة منذ 11 عاماً، دون حراك.

وهو ما عبرت عنه اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أمس، بأن شح الطاقة والنقص الحاد بالوقود وصلا إلى "مستوى حرج، ما يهدد خدمات غزة الأساسية"، بما فيها الرعاية الصحية ومعالجة مياه الصرف الصحي وإمدادات المياه النقية.

وحذرت اللجنة في تصريح صحفي، من أن أزمة في قطاعي الصحة العامة والبيئة تلوح في الأفق "إذا لم يحدث تدخل فوري".

الصرف الصحي

وبدوره, وصف مدير عام المياه والصرف الصحي في بلدية غزة ماهر سالم، وضع محطات معالجة مياه الصرف الصحي بأنه "حرج جدا"، وينذر بتوقفها بشكل كامل مع استمرار أزمة الكهرباء.

وأوضح سالم لـفلسطين" أن الوضع ما زال تحت السيطرة مع توفر كميات من الوقود، لافتًا إلى أن انقطاع التيار لساعات طويلة يهدد بنفاد كميات الوقود المتوفرة لتشغيل المولدات الكهربائية البديلة والتي تضمن استمرار عمل آبار المياه ومحطات الصرف الصحي.

وتقلصت ساعات وصل التيار الكهربائي إلى أربع ساعات بدلاً من ثماني، بسبب إصرار السلطة الفلسطينية في رام الله على فرض ضريبة "البلو" على الوقود المخصصة للمحطة.

وأثر ذلك على كمية الوقود التي تستهلكها البلدية لتشغيل المولدات البديلة, لترتفع من 25 ألف لتر مكعب شهريا إلى 95 ألفا، كما يقول سالم، موضحاً أن تشغيل آبار المياه يحتاج إلى 50 ألف لتر من السولار شهريا.

ولفت إلى أن تلك المولدات تعمل ما بين ساعة إلى ساعتين يوميا على الأكثر، وبعضها يصاب بأعطال متكررة بفعل الانقطاع المتكرر للكهرباء، وبحاجة إلى قطع غيار غير متوفرة.

وبين أن استمرار الأزمة يقلص قدرة البلدية على تعويض نقص الكهرباء "ولن نستطيع توفير الوقود من مدخولاتنا"، منوها إلى أن الجهات المانحة توقفت عن دعم البلديات بالسولار.

وناشد سالم المؤسسات الدولية العاملة في قطاع غزة لتوفير الوقود اللازم للتغلب على مشكلة تقلص ساعات وصل التيار.

القطاع البيئي

وبدوره، أوضح مدير عام حماية البيئة في سلطة البيئة بهاء الأغا، مدى تأثير الأزمة على القطاع البيئي، ويتجلى ذلك بضخ 110 آلاف لتر مكعب من مياه الصرف إلى شاطئ بحر غزة دون معالجة.

وأفاد لـ"فلسطين" بوجود أربع محطات مياه للصرف، ومحطة أخرى داخلية، مشيراً إلى أن الأخيرة تعمل على تصريف ومعالجة المياه العادمة من داخل حوض عشوائي بالقرب منها.

وأطلق الأغا تحذيرات من انهيار الحوض بعد امتلائه, ما سيشكل كارثة صحية وإنسانية، ويتسبب بإغلاق أحياء سكنية.

ونوه إلى أن قدرة البلديات على إيصال مياه الشرب للمنازل ليست مطلقة إذ إن بعضاً منها لا يملك إمكانيات كبيرة لضخ المياه في الشبكات بصورة دائمة، ما يضطر المواطنين لشراء المياه وهي في الغالب لا تخضع للرقابة كشبكات البلدية.

ونبه إلى أن تصريف المياه العادمة في الحوض دون المعالجة الكاملة يؤدي إلى تلوث المياه الجوفية، كما أن ضخ المياه للبحر يهدد صحة المواطنين.

وفي جانب آخر، لفت الأغا إلى أن أزمة الكهرباء والغاز في السابق دفعت المواطنين إلى قطع الأشجار والاستفادة منها كوقود "مما يهدد التنوع الحيوي بشكل كبير".

وناشد الحكومة في رام الله لإنهاء أزمة الكهرباء لتفادي حدوث كارثة بيئية، والتدخل بشكل عاجل وسريع .

القطاع الصحي

ومن جهته، شدد مدير العلاقات العامة والإعلام في وزارة الصحة بغزة أشرف القدرة على أن القطاع الصحي أمام "خطر حقيقي"، مع عدم وجود أي أفق لحل الأزمة من الجهات المانحة "ما يدفعنا إلى زيادة الاعتماد على المولدات البديلة".

وأشار القدرة لـ"فلسطين" إلى أن الصحة تحتاج إلى (450) ألف لتر من الوقود شهرياً، لتشغيل 87 مولدا كهربائيا، لمدة ثماني ساعات يومياً، موضحاً أن كل ساعة إضافية من تشغيل المولدات يقابلها زيادة بنحو ألفي لتر على الكمية المطلوبة يومياً.

ونوه إلى أن المؤسسة الدولية "أوتشا" وفرت مؤخرا كمية من الوقود "ساهمت في حلحلة الأوضاع، ولكن بالتأكيد هي كمية إسعافية أجلت اشتداد الأزمة لبعض الوقت"، مؤكدا أن ثمة خطرا حقيقيا على مستقبل الخدمات الصحية.

وناشد القدرة، المؤسسات الدولية العاملة في القطاع والمنتشرة في العالم لتوفير الدعم الحقيقي للخدمات الصحية في قطاع غزة، منبها إلى أن أي تهديد لمنظومة العمل الصحي يؤثر على الخدمة الصحية المقدمة لمليوني إنسان في القطاع.

ونبه القدرة الى أن الأزمة تعرض حياة 113 من الأطفال الخدج في حضانات المستشفيات للخطر، وتعرض حياة أكثر من 100 مريض في العنايات فائقة الخطر، وتتسبب في تفاقم الوضع الصحي لنحو 620 مريضًا بالفشل الكلوي يترددون على 117 جهازًا لغسيل الكلى 3 مرات أسبوعياً.

وأشار إلى أن الصحة تدير خطة أزمة الوقود في المستوى الثاني، وتحاول حاليا إنشاء محطات خلايا شمسية في عدد من المرافق الصحية للتخفيف من تأثير الأزمة على بعض الأقسام كالعناية والحضانة، ولكن هذه المشاريع تحتاج إلى دعم حقيقي.

ودعا إلى تكاثف محلي ودولي لتجنيب القطاع الصحي آثار أزمة الكهرباء والوقود في قطاع غزة.