في ظل أجواء الانتخابات المحتملة يكثر حديث القادة عن العدالة، وعن حقوق المواطنين. لماذا يكثر حديثهم عن العدالة والحقوق والديمقراطية الآن؟ الجواب يقول: نحن في فلسطين تحت الاحتلال، وتحت قيادة السلطة نعيش عدالة موسمية، وديمقراطية موسمية، والانتخابات عادة هي الموسم الأفضل لهذه الأحاديث المحترمة، ولكن عند انتهاء الموسم يتراجع الحديث في هذه القضايا، وتحل محلها أحاديث عن الواقع ومرارته، وعن ضرورة الصبر والانتظار، وعن موانع تحقيق الديمقراطية والعدالة، ولا مانع من زج العدو في معوقات الحياة، فهو الشماعة التي يعلقون عليها كل نقيصة ذاتية، وكل إخلاف بالوعود والمواعيد.
اللهم ارحمنا قبل الانتخابات وبعدها، يقول الرجوب: "إن مبدأ العدالة، والمعالجة لكل القضايا والترسبات لن يكونا إلا في ظل نظام سياسي أو حكومة هي نتيجة إفرازات وطنية تخضع لرقابة المجلس التشريعي".
العدالة كمبدأ لا علاقة لها بالانتخابات المحتملة، ولا علاقة لها بالحكومة التي ستشكل بعد الانتخابات القادمة، وترسبات حالة الانقسام لا يرتبط حلها مبدئيا بانتخابات أو بحكومات جديدة قادمة. حلّ الترسبات يرتبط بنية ذهاب القيادة نحو الحل الذي يحفظ الحقوق ويحقق العدالة، فإذا كانت النية الصادقة غائبة فلن تأتي بها الانتخابات، ولن تأتي بها حكومة ما بعد الانتخابات.
والعدالة دستور حياة ومنهج حياة يجدر أن يوجد في كل حال، في حال السلم وفي حال الحرب، في حالة الانتخابات، وفي حالة الفراغ منها، في حالة الانقسام وفي حالة الوحدة الوطنية الجامعة. العدالة تكون مع القريب، ومع الغريب، مع الولي ومع العدو، مع الضفة ومع غزة، وما تقوله القيادات عن الأيام الجميلة القادمة للعدالة بُعيد الانتخابات هو كذب في كذب، وخداع لا ينطلي على المواطنين وعلى أصحاب الحقوق، وكما يقولون: إن غدًا لناظره قريب.
أنصح قيادات الوطن أن يتخففوا من الحديث عن العدالة وحل المشكلات التي ترتبت على الانقسام، وغير الانقسام، لأن المواطنين والناخبين لا يلتفتون لكلامهم، وينظرون فقط لأفعالهم، والأفعال عند أكثرهم مفارقة للأعمال سلبا، لذا فإن درجة الإحباط في المجتمع عالية على الرغم من أجواء الانتخابات، وما تبثه تصريحاتهم من أحلام حول العدالة والحقوق وحل المشكلات العالقة، ولو كانت هناك نيات صادقة للحل ما تمّ تأجيل حقوق المواطنين إلى ما بعد الانتخابات، فالعدالة لا تحتاج إلى حكومة جديدة، لأننا ببساطة نحكم على كل ما هو قائم بأنه ظالم ومجرم وفاقد لأهلية العدل، فإذا كان القائم هكذا حاله، فكيف ينقلب غدا لنقيض ما هو عليه؟!