ما زالت مخاوف جيش الاحتلال من تنفيذ المقاومة الفلسطينية عملية اختطاف لأحد جنوده الأحياء، ما يشكل له مصدر قلق كبير، دفعه إلى إجراء تدريب خاص لمواجهة هذا السيناريو، شهدته مستوطنة سديروت في أجواء مشابهة لقطاع غزة، حيث تدرب اللواء المقاتل على تقنية جديدة لإدارة المعركة، وتلقي معلومات استخبارية مباشرة من قائد الفصيل، دون منح المقاومة صورة الانتصار التي سوف تسعى لتحقيقها.
استند التمرين الإسرائيلي إلى جملة من الأساليب التي سيتبعها جيش الاحتلال لمواجهة محاولات المقاومة لأسر أحد جنود الاحتلال على قيد الحياة، لا سيما بعد مرور سبع سنوات على المعارك الصعبة للواء غولاني في حي الشجاعية شرق مدينة غزة خلال حرب الجرف الصامد، وأُسِر خلالها الجندي أورون شاؤول.
القليل من المعطيات العسكرية والعملياتية قد تغيرت منذ تلك الحرب، ولذلك شهدت الأيام الأخيرة استكمال مقاتلي لواء غولاني تدريباتهم المكثفة لمحاكاة القتال في قطاع غزة، مقارنة بما حصل في حرب 2014، لأنهم يعتقدون أنهم سيواجهون وحدات فلسطينية مقاتلة تخرج من الأنفاق.
يفضل قادة جيش الاحتلال أخذ أسرى من مقاتلي المقاومة الفلسطينية نظرًا إلى قيمتهم الاستخباراتية، واستجوابهم السريع، وهو ما سيسعى الجيش لتحقيقه هذه المرة على الأرض، وعلى الفور، لأنهم قد يجدون في حوزتهم خططًا قتالية وكمائن مخفية تفيد الاحتلال في عمليات القتال، في حين تعلمت المقاومة دروسًا من التغييرات في مواقف (إسرائيل) من صفقات تبادل الأسرى، وباتت تدرك أن قيمة الجندي الإسرائيلي الحي الأسير أعلى بكثير من الجندي الميت.
الشغل الشاغل للجيش الإسرائيلي وألويته المقاتلة في المرحلة القادمة هو منع الاختطاف في المعركة، من خلال الحفاظ على اليقظة، والتمسك بالروح الحديدية للمقاتلين في جميع الأوقات، ولذلك فإن مختلف الفصائل العسكرية معنية بالتعامل مع فرضية الأسر والاختطاف، ومطاردة فرقة الاختطاف من المقاومة، ومن ذلك إطلاق نيران كثيفة لإغلاق طرق الهرب في أعماق القطاع.
القناعة الإسرائيلية السائدة أن تسعى المقاومة جاهدة لاختطاف جندي إسرائيلي، يخلق لها صورة انتصار، ما يجعلهم معنيين بتدريب جنودهم على هذا السيناريو الفعلي مع "العدو"، ومن ذلك المسافة المطلوبة بين مقاتلي الجانبين خلال القتال، بحيث لن يكون المزيد من الاحتكاك بينهم من مناطق قريبة، والاقتصار على التقدم عدة كيلومترات بعيدًا عن الأجزاء الشرقية من غلاف غزة.
الخلاصة أن منظومة القيادة والتحكم في الجيش الإسرائيلي، تعاني المزيد من مواطن الخلل، ما يُصعِّب مهمة جنوده في محاربة المقاومين الفلسطينيين من أجل الحصول على صورة للنصر، ولذلك لا يمكن لجيش الاحتلال أن يقاتل تحت تأثير جنون العظمة، وصدمات الماضي، لكن خشيته الحقيقية أن يقع من جديد تحت تأثير عملية أسر جديدة لأحد جنوده في ساحة المعركة.