فلسطين أون لاين

​تتزاور قدر المستطاع بعد أن تفرقت بها السبل

عائلاتٌ ازدهرت العلاقة بينها رُغمًا عن أنف النكبة

...
جدار الفصل العنصري شتت شمل عائلات كثيرة في الضفة (أ ف ب)
قلقيلية - مصطفى صبري

فرّقت النكبة العائلات الفلسطينية التي كانت تسكن معاً في منطقة جغرافية واحدة، ولكن تحدى الكثيرون هذا الشتات المؤلم لتستمر العلاقات بين الأهالي بالتواصل مع بعضهم بكل الأشكال قدر المستطاع بين حينٍ وآخر.

في محافظة قلقيلية شمال الضفة المحتلة، اجتمعت عائلات عدة تعود أصولها إلى مدنٍ وقرى في بلدات الداخل المحتل، ورغم التشريد والتهجير بقيت تلك العائلات على صلةٍ وطيدة مع بعضها البعض بالرغم من جرح النكبة الغائر.

يقطن لؤي داود ( 42 عاما) مع أسرته في قلقيلية منذ الخمسينيات، بعد الهجرة من بلدة كفر قاسم في المثلث الجنوبي، إذ تبقّى جزء من العائلة الكبيرة في كفر قاسم، حيث تستمر الزيارات فيما بين أُسرها لحسن الحظ في مختلف المناسبات الاجتماعية .

يقول لؤي: " الاحتلال يمنعني من الحصول على تصريح زيارة لأقاربي في كفر قاسم بذريعةٍ أمنية، وذلك بسبب اعتقالي في السجون لأحد عشر عاماً، مما يضطر أقاربنا في كفر قاسم إلى القدوم إلينا، فيما يحاول إخواني الوصول إليهم في مناسباتهم، مع العلم أن المسافة بين قلقيلية وكفر قاسم 15 كم فقط".

ويضيف: "أذكر أنه قبل الجدار العنصري كنا نذهب إلى أراضينا المغتصبة والتي أقيمت على جزءٍ منها مستوطنة رأس العين في منطقة الكسارات، أي أن الزيارات لم تنقطع منذ النكبة إلا بعد إقامة الجدار العنصري".

وفي قرية "رأس عطية" يقول محمد مراعبة: "بعد النكبة انقسمت العائلة إلى قسمين: الأول في مناطق الأراضي المحتلة عام 48، والثاني في مناطق الأراضي المحتلة عام 67، ولم تنقطع العلاقة بل زادت الأواصر الاجتماعية، وتزوجت بناتي من أقاربي في جلجولية في المثلث الجنوبي، وكذلك أولادي، كما أن زوجتي تحمل البطاقة الزرقاء".

ويؤكد أنه بالرغم من النكبة إلا أن العلاقة ازدهرت إلى أبعد حد، مضيفاً: "لم نستسلم لإجراءاتهم مهما بلغت قسوتها، إذ لم تنقطع الزيارات، بالرغم من محاولات الاحتلال وضع العراقيل ، فأولادي وزوجتي ينوبون عني في أداء الواجب، فيما أنا محرومٌ من الوصول إلى أراضينا المصادرة".

ويقول عزيز شواهنة: "شتّتتنا النكبة في أماكن عدة، واحد في جلجولية وآخر في قلقيلية، وثالث في الأردن. نواجه صعوبة بالغة في ذهابنا إلى أراضينا، فمن بلغ سن الــــ 55 يستطيع الدخول إلى مناطق الـــ 48 بدون تصريحٍ أمني. نقر أن أفراد عائلتنا باتوا جميعهم يتمنون أن تتجاوز أعمارهم الـــ 55 حتى يتمكنوا من زيارة أهاليهم في البلدات الواقعة في الـــ 48، وهذه طامة كبرى أن يتمنى الإنسان تقدم عمره بسرعة حتى يتمكن من زيارة عائلته".

ولم يكن المسن عبد الحميد مراعبة "75عاما" أقل انتماء من سابقيه، إذ قال: "عايشت النكبة والنكسة، وبعد النكسة عام 67 واحتلال الضفة الغربية أصبح بالإمكان زيارة قرانا وبلداتنا في المثلث، لكن بعد إقامة الجدار العنصري حرمنا من هذا، وبفضل الله، عمري المتقدم يسمح لي بالوصول إلى الديار المسلوبة بدون تصريح أمني".

وبشكل واضح يتذكر الحاج عبد الحميد منازل عائلته إبان النكبة وكيف استبدلت الآن بمبانٍ من قبل أقاربه في بلدة جلجولية 15كم جنوب قلقيلية، وبحكم عدم امتلاكه ما يعرف بـــ "المواطنة" فإنه لا يسمح له بالبقاء أو البناء .