فلسطين أون لاين

"قطعت السلطة مخصصاته"

"عطاف" وزوجها الأسير "أيوب".. كأنّ معاناة واحدة لا تكفي

...
غزة/ هدى الدلو:

لم يمر سوى شهران على زواج أيوب أبو كريم ليأسره الاحتلال في ظروف غامضة، بعد أن اختفيت آثاره لأيام، وجعل عائلته يضربون أخماسا في أسداس وهم يبحثون عنه في كل مكان، لتتواصل اللجنة الدولية للصليب الأحمر معهم وتخبرهم بأنه بات أسيرا.

أيوب (33 عامًا) من مخيم المغازي وسط قطاع غزة، قطع الاحتلال بأسره، كل الطرق عليه بتحقيق أحلامه في أن يكمل دراسته الجامعية ويتخرج من تخصص اللغة العربية الذي التحق به تلبية لرغبته وشغفه، وأن يُكوّن عائلة صغيرة مع زوجته التي لم يمض على زواجه منها سوى 60 يومًا، ليصدر بحقه حكم بالسجن 15 سنة.

فرض الاحتلال على زوجته عطاف إكمال الطريق وحدها، وترك أيوب أثرًا في أحشائها، لتعتني به بمفردها، وديونًا تثقل كاهلها الضعيف كونها لم تعتد على طبيعة الحياة الجديدة، واستكمال بناء البيت وتجهيزه المسقوف بالأسبست، الحيرة والخوف لم يفارقاها، وصدمة لم تستوعبها بعد صدمتها بنبأ أسره، وتساؤلات واستفهامات لم تجد من يجيب عليها.

وعند اعتقاله في الرابع من مايو/ آيار 2011 وجه له الاحتلال "مجلدا من التهم" كادعاءات تنفيذ عمليات عسكرية ضد جيشه، ونقل معلومات ميدانية وإدارة معارك ضد الاحتلال.

وكان أيوب دائمًا يسعى للبحث عن عمل حر يستطيع من خلاله تسديد الديون المتراكمة عليه بعد الزواج والتي تقدرها زوجته بثلاثة آلاف دينار.

تقول عطاف لصحيفة "فلسطين": "مرت الأيام والشهور والسنوات ثقيلة عليّ بل والساعات، لم أتمكن من التأقلم على غياب زوجي رغم قصر المدة التي عشتها معه، فركلات ابنتي في بطني توقظني أحيانًا، وضربات الحياة مرات أخرى".

بعد انجابها طفلتها أمل بدأ يصرف لها راتب شهري كزوجة أسير، عملت من خلاله على تنظيم سدادها للديون، وإرسال جزء منه لزوجها في الأسر ليتمكن من تلبية احتياجاته، وإكمال تعليمه باختصاص آخر لعدم طرحه، فاضطر لتغيير حلمه ودراسة التاريخ وحصل على شهادة بكالوريوس فيه، وأخرى في مجال التربية الإسلامية، وحاليًا يكمل في الدراسات العليا.

وتضيف عطاف: "لم يهن عليا أن اترك الأمور على حالها، فبعد سدادي الديون عملت على استصلاح البيت وإكمال بنائه، فبدلًا من سقفه الاسبست صُبَّ بالباطون".

وقررت وزوجها أن يحققا لابنتهما حلم الأخوة عبر سفير للحرية (نطفة مهربة)، رغم أنها لم تنس الظروف الصعبة التي مرت بها لحظة ولادتها أمل وأيوب بعيد عنها، فلم تسمع صوته وهو يؤذن لها في أذنها، أو يلمس يدها لتنسى آلام الولادة، لتخضع لعملية حقن بالأنابيب، وتتحمل الآلام من جديد لتكوّن عائلة رغم أنف الاحتلال الذي غيبه قسرًا عنهم، فأنجبت "مجاهد".

ولكن ما صدمها ولم تتوقعه يومًا أن تقطع السلطة الفلسطينية مخصصات زوجها الأسير في يناير/كانون الثاني 2019، متسائلة عن السبب من وراء حرمان عائلته من ذلك الحق في ظل غياب المعيل وعدم وجود مصدر دخل آخر، وقد جاء القرار وهي في أمس الحاجة لكل شيقل كونه جاء بعد ولادتها طفلها.

وتشير عطاف إلى أن قطع المخصصات أثر على طبيعة حياتهم الاجتماعية والمعيشية وحتى الصحية، وقد مرت عليها فترة صعبة أثناء مرض ابنها الذي احتاج إجراء عملية بعد عرضه على العديد من الأطباء الاختصاصيين.

ورغم ذلك لم تستطع أن تتوقف عن إرسال مبلغ شهري لزوجها داخل السجن ليتمكن من تغطية مصاريفه في الملبس والمأكل وغيرها، فيكفي أن يتحمل ظروف الأسر والبعد عن الأهل.

وتختم عطاف حديثها: "بعد قطع الراتب لم استطع اخفاء الخبر حتى لا يتحمل عبء التفكير بنا وبحالنا الذي وصلنا إليه بعد سياسة السلطة بحق بعض الأسرى، فقد سمع بالقرار من خلال وسائل الإعلام"، مطالبة السلطة بإعادة مخصصات زوجها الذي يفني عمره في سجون الاحتلال، ولتتمكن عائلته من تلبية احتياجاتها اليومية.