يواصل الكيان الصهيوني تشريع جرائمه بحق أرضنا الفلسطينية، وبحق هويتنا وتاريخنا وثوابتنا في هذه الأرض المباركة، ونحن نحيي الذكرى التاسعة والستين لاغتصاب أرض فلسطين، وتدمير قرابة 500 قرية فلسطينية، وتهجير أكثر من 800 ألف فلسطيني. يسعى الكيان دومًا إلى إحكام السيطرة الكاملة على أرضنا الفلسطينية المباركة، والسيطرة على لغتنا وقوميتنا العربية الفلسطينية، ويعمل الكيان جاهدًا على إلغاء الوجود الفلسطيني على هذه الأرض المباركة، وقبل أيام صدق الكنيست الصهيوني بالقراءة التمهيدية الأولى على "قانون القومية" ليكون الحجر الأساس في إقامة "الوطن القومي" لليهود على أرضنا الفلسطينية المحتلة، ويعد القانون "دولة" (إسرائيل) هي "الوطن القومي للشعب اليهودي"، وأنها دولة يهودية وديمقراطية لغتها الرسمية العبرية وعاصمتها الرسمية القدس، وقد اقترح هذا القانون عضو الكنيست الصهيوني (آفي ديختر)، وينص القانون الجديد على أن "دولة (إسرائيل) هي البيت القومي للشعب اليهودي"، وأن "حق تقرير المصير فيها يقتصر على الشعب اليهودي"، وأن "لغة الدولة هي اللغة العبرية"، وغير مكانة اللغة العربية من لغة رسمية إلى لغة لها مكانة خاصة في الكيان، وينص في بند آخر على النشيد الوطني الصهيوني والعلم والرمز الرسمي للكيان، وينص أيضًا على أن كل مواطن في الكيان دون تمييز في الدين أو القومية من حقه أن يعمل على الحفاظ على ثقافته وتراثه ولغته وهويته، وهناك الكثير من البنود الأخرى ترمي إلى تمكين اليهود من السيطرة الكاملة على أرض فلسطين، وتصوير الفلسطينيين أنهم جالية في "الدولة اليهودية".
وضمن جهود الحكومة الصهيونية لدعم هذا القانون سيبذل رئيس وزراء الاحتلال (بنيامين نتنياهو) كل جهوده من أجل تثبيت هذا القانون على المستوى الخارجي والدولي، وذلك لدعم مكانة ما يسمى دولة (إسرائيل) لتكون "الدولة القومية الديمقراطية للشعب اليهودي" وحده.
ويرى كاتب السطور أن هذا القانون الخطير (القومية) يهدد بالأساس الوجود الفلسطيني الثابت والراسخ منذ القدم في أرضنا الفلسطينية المحتلة عام 1948م، وهو يمهد لتنفيذ مخططات "يهودية الدولة" التي تجعل الشعب الفلسطيني جالية صغيرة في الكيان العبري، بل إن هذا القانون العنصري يروج له الصهاينة على أبعد الحدود، وهو يكشف الحقد الصهيوني والكراهية تجاه الفلسطينيين، وهو جزء من المخططات والمكائد الصهيونية لطرد وتشريد فلسطينيي الداخل من أرضهم وديارهم، وهذا القانون مقدمة للسير إلى الأمام في التقسيم المكاني والزماني للقدس، واستمرار مشاريع التهويد أسفل المسجد الأقصى المبارك.
إن المسؤولين الصهاينة يخشون دومًا القنبلة الديمغرافية الموقوتة التي قد تنفجر في أي لحظة، بسبب ازدياد أعداد فلسطينيي الداخل، وبحسب تقديرات مكتب الإحصاء الإسرائيلي يعيش مليون و400 ألف فلسطيني في أراضي الـ(48)، وهم يشكلون 20% من عدد سكان الداخل البالغ 8 ملايين و600 ألف نسمة.
وحسب ما يرى المراقبون إن قانون القومية الجديد يأتي لتعزيز نظام "الدولة اليهودية" العنصرية، وجعل مبدأ "الدولة اليهودية" فوق أي اعتبار قانوني آخر، ما يمنح التمييز العنصري القائم شرعية قضائية، ويفتح الباب أمام المزيد، إذ يعد القانون الجديد أرض فلسطين ملكًا خالصًا للشعب اليهودي، وله وحده، ويعد ذلك المبدأ الناظم لبنية النظام والدولة والحكم في "الدولة اليهودية"، ويحرم القانون الجديد اللاجئين الفلسطينيين العودة إلى ديارهم التي طردوا منها في نكبة عام 1984م، وكل حقوقهم في التعويض.
وكل مواد القانون الصهيوني الجديد تقوم على العنصرية العامة وترمي إلى حرمان الفلسطينيين في الداخل المحتل عام 1948م حقوقهم كافة، وعلى رأسها حق تقرير المصير، ويحرمهم السكن في معظم الأراضي والتجمعات السكنية في الداخل الفلسطيني، ويعمل القانون على إلغاء مكانة اللغة العربية لغة رسمية، ومنع أي مكانة قانونية للتقويم الهجري، ومنح مكانة رسمية للتقويم العبري، وفرض مبادئ القانون العبري على المحاكم.
إن قانون القومية العنصري يفتح الباب للمزيد من مصادرة الأراضي الفلسطينية، وترحيل وتهجير الفلسطينيين، وهدم منازلهم، وممارسة التمييز العنصري ضدهم في الميزانيات، وإجراءات محو الهوية الفلسطينية الإسلامية، وتهويد المزيد من الأراضي الفلسطينية لجعلها ملكًا لليهود وحدهم.
ويشدد كاتب المقال على أن فلسطينيي الداخل يشكلون مصدر قلق كبير ومتواصل للمسئولين الصهاينة، لذا هم يشرعون كل يوم قوانين عنصرية جديدة تستهدف وجودهم وكيانهم، وتستهدف تحويلهم إلى أقليات صغيرة داخل "الدولة اليهودية"، لذلك يجب الوقوف في وجه "قانون القومية" العنصري، ومنع الكيان من إصدار المزيد من التشريعات التي تستهدف إلغاء وجود فلسطينيي الداخل المحتل وتحويلهم إلى غرباء في أرضهم ووطنهم ودارهم.
إن قانون القومية الجديد يمثل العقلية الصهيونية الدموية العنصرية، ويؤسس للحقد والكراهية تجاه الفلسطينيين والعرب، وهو تهديد خطير وكبير لفلسطينيي الداخل، ويمهد للمزيد من الجرائم والممارسات العنصرية الصهيونية بحقهم، بهدف تهجيرهم عن أرضهم، وهو يأتي ضمن الحملات الصهيونية المسعورة على المدن والقرى الفلسطينية في الداخل المحتل.
الواجب على أمتنا العربية الإسلامية وأصدقاء فلسطين والمساندين لحرية واستقلال فلسطين الدعم والمساندة، وتشكيل الظهر القوي لأهلنا في الداخل المحتل، الذي يواجهون مؤامرات الاقتلاع ومخططات التهجير والتشريد من أرضهم وديارهم.