كانت انتخابات ٢٠٠٦م امتحانا قاسيا لحماس من ناحية، ولدول الاتحاد الأوروبي وأميركا من ناحية ثانية. دخلت حماس الانتخابات على برنامج المقاومة ورفض اتفاقية أوسلو وعدم الاعتراف (بإسرائيل). وكانت أميركا ودول الغرب تتخيل فوز حركة فتح وإلجام حماس بفوز فتح وإجبارها على تقبل المفاوضات والاعتراف (بإسرائيل). لم تأتِ حسابات الحقل كحسابات البيدر، إذ سقط رهان أميركا والغرب، وفازت حماس بأغلبية مريحة، وشكلت الحكومة العاشرة، وهنا قررت أميركا والغرب، ودولة الاحتلال وضع العصا بدواليب حكومة حماس، وعرقلتْ عملها، ولم تقر بشرعيتها، ففرضت عليها ما تسمى شروط الرباعية، حيث طالبتها بالاعتراف (بإسرائيل)، والقبول بالقرارات الدولية، وبالمفاوضات، ونبذ المقاومة، وجعلتها شروطا مسبقة للتعامل مع حماس وحكومتها.
نحن الآن في عام ٢٠٢١م، وعلى مسافة خمسة عشر عاما فاصلة عن عام ٢٠٠٦م، وتعود فيها الساحة الفلسطينية للانتخابات بعد أن جرت مياه كثيرة تحت جسر حماس والغرب وشروط الرباعية، فهل يقبل الاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص بفوز آخر لحماس في انتخابات 2021م؟! وهل ذابت شروط الرباعية أمام التغيرات الضخمة التي تراكمت في الأعوام المنصرمة بعد ٢٠٠٦م، أم أن الأمور ما زالت كما هي؟!
تشير بعض المصادر الأوروبية إلى أن تراجعا ما حصل في موقف الاتحاد الأوربي، عدا إحدى دوله المحكومة من حزب يميني متطرف، حيث تميل غالبية هذه الدول إلى التعامل مع حماس بشكل مغاير لما كان في ٢٠٠٦م لا سيما إذا فازت حماس بالأغلبية وأبدت مرونة ما نحو القبول بحل الدولتين. وهي ستكون جاهزة للتعامل مع حماس إذا كانت شريكا لفتح في المجلس التشريعي والحكومة، وذلك إذا أبدت الحكومة القادمة تقبلا جيدا لحل الدولتين.
خلاصة القول تقول إن دول الاتحاد الأوروبي لم تعد متمسكة بشروط الرباعية بحذافيرها، لا سيما بعد رحلة التطبيع العربي، وبعد ما حملته صفقة القرن من تهديدات خطرة مناوئة للنوايا الأوروبية، وبعد تجربة حماس الجيدة في الحكم، وإعادة الشعب لانتخابها.
نعم، يمكن القول: إن ثبات حماس على موقفها، ودفاعها عن الثوابت الفلسطينية، وتحملها تداعيات الحصار الطويل، وإبداء قدرة إدارية عالية على إدارة غزة دون فساد، وبقدر جيد من الممارسة الديمقراطية، قد أقنع أطرافا رئيسة في الاتحاد الأوروبي بمراجعة مواقفها القديمة، واشتقاق موقف يسمح بالتعامل مع حماس في حالة الفوز، أو في حالة الشراكة مع فتح في الحكومة، وبهذا تثبت حماس أن للشعب والناخب الفلسطيني قيمة عالية، وأن الشعب هو صاحب القرار، لا على المستوى الداخلي فحسب، بل على مستوى العلاقات الدولية أيضًا.