فلسطين أون لاين

"الجنايات الدولية" لم تحرِّك الملف في غياب الضغط الفلسطيني الرسمي

تقرير "الإعدامات الميدانية".. إرهاب إسرائيلي يبيح تصفية الفلسطينيين لمجرد الاشتباه

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

ما فعله مستوطن إسرائيلي، تجاه الشاب الفلسطيني خالد ماهر نوفل، صباح أمس، سبق ارتكابه مرارًا مع عشرات الشهداء الذين قضوا في أماكن مماثلة.

وأطلق المستوطن الرصاص على الشاب نوفل في أثناء وجوده في جبل الريسان، من أراضي القرية، الذي يقيم مستوطنون بؤرة استيطانية عليه.

مثل هكذا جريمة حدثت قبل ذلك مع طالب الثانوية العامة عطا الله ريان، حينما قتله جنود الاحتلال قبل أيام في أثناء مروره بالقرب من أحد الحواجز العسكرية المحيطة بمستوطنة "أرئيل".

وتكرر الأمر ذاته قبل ذلك بقليل مع شاب فلسطيني آخر لدى مروره بحاجز إسرائيلي قرب مستوطنة "جوش عتسيون" جنوب بيت لحم. وفي كلتا الحالتين كانت عمليات القتل تحدث لمجرد الاشتباه بمحاولتهما تنفيذ عملية طعن.

وفي أواخر مايو/ أيار 2020، كانت شكوك جنود الاحتلال كفيلة بإعدام الشاب المقدسي المصاب بالتوحُّد إياد الحلاق، لتنتهي الجريمة بتبرئة قسم تحقيقات الاحتلال بالقدس المحتلة المسؤول عن قتل الحلاق، ليستمر مسلسل القتل بدم بارد دون أن تُحرِّك محكمة الجنايات الدولية ساكنًا إزاء ملف الإعدامات الإسرائيلية الميدانية.

في حين تكتفي السلطة ومعها الفصائل الفلسطينية بإصدار بيانات النعي للشهداء في غياب واضح لخطة وطنية موحدة لمواجهة ما يجري.

وفي العام الماضي، استشهد 32 فلسطينيًّا بفعل الإعدامات الميدانية وفي ساحات المواجهات الشعبية مع الاحتلال بالضفة الغربية المحتلة، منهم امرأتان وشهيدان من ذوي الإعاقة وعشرة أطفال، وفق إفادة مؤسسة "شمس" نيوز لصحيفة "فلسطين".

ويقول مدير مؤسسة "شمس" نيوز عمر رحال: إن قتل الفلسطينيين واستهدافهم سياسة إسرائيلية ممنهجة ليست جديدة بل استمرار لحالة قديمة، بهدف إيقاع المزيد من الضحايا في صفوف الفلسطينيين ولتغيير قواعد اللعبة.

وأضاف رحال أن هذا القتل هو نتاج تعليمات من المستوى السياسي والأمني بضرورة التعامل مع الفلسطينيين بهذه الطريقة، "وفي بعض الأحيان يتفنن الجنود بعمليات القتل ويصرِّحون بذلك".

وعن تغطية قضاء وحكومة الاحتلال على الجرائم، بيَّن أن الطرفين شريكان في الجريمة، فالقضاء يعقد محاكمات صورية لجنود الاحتلال ويصدر أحكامًا غير نافذة لشهرين أو ثلاثة، "وعندما تتسع الجريمة بعدسات المصورين يذهبون للمصحات العقلية لاستخراج شهادة للجندي تفيد أنه يعاني مرضًا نفسيًّا أو مختلًّا عقليًّا.. وهي مسرحية مكشوفة".

خطوات مطلوبة

ولا توجد خطوات دولية حقيقية لإلزام دولة الاحتلال احترام حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة ووقف تغولها وإجراءاتها العنصرية ضد الفلسطينيين، وفق ما يؤكد المتحدث باسم الاتحاد الأوربي في الأراضي الفلسطينية المحتلة شادي عثمان.

ويضيف لصحيفة "فلسطين": "في كل حدث مشابه يؤكد الاتحاد ضرورة وجوب التحقيق في أي حادثة، وطالب في غير مرة تفسير الاستخدام المفرط وغير المبرر للقوة في أكثر من حادثة".

وذكر عثمان أن الاتحاد الأوروبي يتابع هذه الجرائم عن طريق القسم السياسي ويحاول استيضاح تفاصيلها وظروف حدوثها وكل ما يرتبط بالحدث وحيثياته، إضافة إلى مطالبة سلطات الاحتلال بفتح تحقيق وإعلان نتائجه.

غياب الجنائية الدولية

بدوره يؤكد مدير مركز الدفاع عن الحريات حلمي الأعرج، أن المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية لم تتحرك لفتح تحقيق رسمي بملف الإعدامات الميدانية، الذي أحيل إليها مع ثلاثة ملفات أخرى (عدوان الاحتلال على غزة عام 2014م، والأسرى، والاستيطان)، وهذا يتطلب مزيدًا من الضغط والتحرك من قبل السلطة الفلسطينية لحث المحكمة لتحمل مسؤولياتها.

ويوضح الأعرج لصحيفة "فلسطين" أن سياسة الإعدامات الميدانية تزداد وتيرتها في مراحل سياسية مختلفة وهي جرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي، ولا تلامس أفعالها أسس المحاكمة العادلة، مشيرًا إلى أن اتفاقيات جنيف الأربعة تنص على تحرك الأعضاء لضمان احترام حقوق الإنسان وإدانة الجرائم.

ولا يكتفي الاحتلال بإعدام هؤلاء الشباب ميدانيا، بل في كثير من الأحيان يحتجز جثامينهم لفترات وسنوات طويلة، فبعض الشهداء تجاوزت مدة احتجازهم ست سنوات، بحجة استخدامها في صفقات التبادل مع المقاومة.

وبحسب إفادة لجنة استعادة جثامين الشهداء سلوى حماد لصحيفة "فلسطين"، فإن الاحتلال يحتجز جثامين 71 شهيدًا، مبينة أن هناك تعنتًا إسرائيليًا في العامين الآخرين، في تسليم جثامين الشهداء الذين تقتلهم قوات الاحتلال، وتماطل في الرد على طلبات تسليم الشهداء رغم التوجه للمحكمة العليا الإسرائيلية.