فلسطين أون لاين

عقب إنشاء خزانًا سعته500 كوب

تقرير مزارعو "الشوكة" يروون أراضيهم بعد سنوات شحٍّ للمياه.. والسلة الغذائية تتنوع

...
صورة أرشيفية
غزة/ رامي رمانة:

يستعد المزارع الأربعينى إسماعيل أبو بريك لزراعة أرضه بأشتال متنوعة بعد أن كانت زراعته تقتصر على صنف واحد؛ نتيجة شُحِّ المياه في بلدة الشوكة برفح جنوب قطاع غزة.

وقال أبو بريك الذي كان يجمع محصول البازيلاء لصحيفة "فلسطين": في السابق كنتُ أزرع فقط دونمًا أو اثنين -كحد أقصى- من جراء شُحِّ المياه وندرتها في المنطقة، وتقتصر على محصول واحد، مشيرًا إلى أنَّه فكَّر كثيرًا في هجْر الأرض، لا سيما أن انقطاع المياه يعني موتًا للأرض والزراعة معًا.

وتقول "جمعية التنمية الزراعية-الإغاثة الزراعية": إن الشوكة تعاني شُحًّا في مياه الخزان الجوفي، وإن ارتفاع منسوب المياه الجوفية فيها لا يتجاوز (10٠-120م) وغير صالحة للاستخدام الآدمي والزراعي -على حدٍّ سواء- وتصل نسبة الملوحة إلى (10000PPM).

وفي تفاصيل شُحِّ المياه ووفرتها، يقول أبو بريك الذي يعيل أسرةً مكوَّنة من (9 أشخاص): "العملية الزراعية هنا – في إشارة إلى منطقة الشوكة- كانت صعبة جدًا، كنا نشتري المياه من خزان في المنطقة، قيمة الكوب الواحد 3 شواقل، وننتظر ساعات حتى يصل دورُنا، وأحيانًا نقيم أمام "الحاووز" حرصًا على دورنا في الحصول على المياه.

أما اليوم فقد تغيَّر الحال إلى الأفضل بكثير بعد تدخُّل من الإغاثة الزراعية بإنشاء خزّان كبير يسمح لنا بريِّ أراضينا الزراعية متى احتجنا إلى ذلك.

ويشير إلى أن اليوم يعمل على زراعة 8-10 دونمات دون خوف من انقطاع المياه أو جودتها، لافتًا إلى أنه سيزرع أصنافًا متعددة من الخضراوات (الخيار-الكوسا-الباذنجان والفلفل وغيره الكثير).

وأنشأت "الإغاثة الزراعية" خزانَيْ مياه لري مئات الدونمات: أحدهما أرضيّ، وآخر علوي بارتفاع 20 مترًا عن سطح الأرض، وبسعة إجمالية 500 كوب, وتم تزويد الخزان بوحدة طاقة شمسية لتشغيل المضخات لتجاوز أزمة انقطاع التيار الكهربائي، وزيادة فرصة المزارعين في ري المزروعات بما يتناسب مع احتياج المحصول إليه.

ويوافقه القول المزارع صلاح جبارة (37عامًا) الذي يعكف على زراعة أرضه البالغة (15دونمًا)، ويقول: المياه كانت كابوسًا يتربص بنا ليل نهار من حيث الثمن والقلة، والأرض باتت جافة، ونادرًا ما نتمكن من الزراعة دون خسارة، أما اليوم الوضع فتغير كُليًّا وأصبحت المياه متوفرة وبأثمان أقل.

ويشير إلى أن المزارعين يعمدوا إلى إنشاء برك على جانب الأرض تُملأ بالماء من الخزان، وتُستخدم وقت الحاجة إليها دون صعوبة.

ويؤكد أن المياه تتمتع بجودة عالية، ودليل ذلك أن المحاصيل التي تحتاج إلى مياه ذات ملوحة أقل باتت من الزراعات الناجحة في المنطقة.

وللمزارعات نصيب الاستفادة من مياه الخزان وهو ما تؤكده المزارعة تمام حميدان(أم خالد) لـ"فلسطين" وتضيف أن الخزان وفَّر علينا الكثير لاسيما وأن قيمة الكوب تتناسب مع المزارعين في المنطقة، إضافة إلى إمكانية الحصول على المياه في أي وقت نحتاج إليه.

وتقول أم خالد (48 عامًا): أعملُ في الزراعة رفقة أولادي وزوجي حيث زرعنا بازيلاء والحمد لله كان المحصول جيدًا، عازية ذلك إلى جودة المياه ووفرتها التي تصلهم من الخزان، لافتةً إلى أن المزروعات تعددت ما بين البطاطا والبازيلاء والشمام والملوخية وغيرها.

وتشير إلى أن الفرق كبير بين المياه التي تشتريها سابقًا واليوم، "كنا نشترى الـ(١٠) أكواب بـ(١٢٠) شيقلًا، أما اليوم فقط بـ(٢0) شيقلًا"، وهو ما ضاعف من عملية الزراعة، لافتة إلى أن إنشاء الخزان أسهم في إحياء المنطقة من جديد.

ويقول ممثل جمعية مزارعي محافظة رفح الخيرية عبد الله أبو سيف: شكَّل الخزان طوق نجاة للمزارعين في هذه المنطقة لا سيما وأن العديد منهم كانوا في طريقهم إلى ترك الزراعة نظرًا لانقطاع المياه والتكلفة المرتفعة للحصول عليها.

ويلفت إلى أن إنشاء الخزان جاء بعد دراسة معمقة من قبل الإغاثة لاحتياجات المزارعين، ومعرفة أولوياتهم للاستمرار في زراعة الأراضي، لا سيما وأنها منطقة حدودية وبحاجة مستمرة إلى دعم المزارعين وتعزيز صمودهم.

ويشير إلى أن مشكلة وصول المياه تركت آثارها على المزارعين وعلى نشاطهم الزراعي، وحدَّت من خياراتهم في زراعة بعض الأصناف من المزروعات المجدية اقتصاديًّا والتي تحتاج إلى عمليات الري.

ويقول إن جمعيته تعمل كحلقة إشراف مع المزارعين، وقريبًا سيُخفَّض سعر الكوب، لافتًا إلى أنه حاليًّا تحت إدارة جمعية التنمية الزراعية.

وتعد الشوكة من المناطق المهمشة وذات أهمية إستراتيجية كبيرة بالنسبة للزراعة؛ لما يتوفر فيها من مساحات واسعة، ويبلغ سكانها نحو 17 ألف نسمة، في حين تبلغ مساحة الأراضي فيها 22 ألف دونم، ويمتهن نحو 80 % من سكانها الزراعة وهى أكثر المناطق كثافة في الدفيئات الزراعية حيث تصل إلى ما يزيد على 1000 دفيئة زراعية.