في تصريح لافت للنظر، قال الرجوب: "من يتحدث عن قائمة مشتركة مع حماس مش داري وين الله حاطه!" وأضاف: "لم نتحالف مع أحد في قائمة مشتركة"، وقال: "إن الانتخابات ستُجرى في القدس غصبًا عن رئيس الوزراء نتنياهو"، كانت هذه بعضًا من تصريحاته لتلفزيون فلسطين.
ما لفت انتباهي في هذه التصريحات هو لغة المتحدث المستعلية، والمستخفة بعقل المواطن الفلسطيني، التي تحمل شيئًا من الانحراف في أدب الخطاب مع الله! ذلك أن الحديث عن قائمة مشتركة ليس جريمة تغيب فيها معرفة المتحدث بحكمة الله تعالي، (وين الله حاطه). إن منبع التصريحات عن القائمة المشتركة جاء من لقاءات الرجوب بالعاروري في تركيا، وبعض المصادر نقلت عن محمود عباس ترحيبه بها بعد أن نقلها إليه الرجوب، وعليه لا خطأ عند من يتحدث عن قائمة مشتركة، وكان بإمكان الرجوب أن ينفي هذه الأخبار بلغة دبلوماسية تليق بوعي المتابعين للشأن الفلسطيني، دون تصعيد الخطاب نحو:( مش عارف وين الله حاطه).
كان ما تقدم تعقيبًا على حالة انحراف الخطاب، أما تعقيبنا على حالة الاستعلاء فهو في قوله: "ستُجرى الانتخابات في القدس غصبًا عن الاحتلال"، وهو قول يخالف الواقع، وما خالف الواقع، ولا يمكن إقامة الدليل عليه فهو الوهم عند أهل العلم بنسب الكلام، والرجوب لم لا يستطيع إقامة الدليل على قدرته على إجراء انتخابات في القدس دون موافقة الاحتلال، وكلنا يعلم أن الاحتلال في القدس والضفة متحكم في كل صغيرة وكبيرة، وأن صاحب التصريح لا يمكنه الخروج من الضفة إلى القاهرة دون الحصول على إذن خروج من قادة الاحتلال، بل هو لا يستطيع التنقل من محافظة في الضفة لأخرى دون تصريح من ضباط الاحتلال في الإدارة المدنية، لذا لا معنى لهذه العنترية المكشوفة.
كم كنت سعيدا لو كان خطابه خطاب غصب الاحتلال وقهره حقيقة، فحياة المقاومة منذ أن نشأت وحتى تاريخه تستهدف فرض شروطها على الاحتلال، ولكن هذا لم يتحقق بعد، فكيف لمن غادر المقاومة وحمل بطاقة شخصية مهمة موقعة من ضابط الإدارة المدنية، يمكنه قهر الاحتلال في القدس؟
التحليل هذا لا يهدف إلى مصادمة صاحب التصريح كشخص في موقع القيادة، ولكن يهدف إلى تفنيد الخطاب لكي يبدي المتحدثون في السياسة تواضعًا يحترم عقل المواطن الفلسطيني، ولو قال المتحدث سنجريها في القدس إن شاء الله غصبا عن الاحتلال لقلنا ما دامه علق الأمر على مشيئة الله فلا غضاضة عليه، فالله قادر ونحن ضعفاء. ولو قال سنجريها إن شاء الله بالتعاون مع دول العالم الضاغطة على الاحتلال لكان قولا صوابا، ففي النهاية كلنا يعلم أن جسم السلطة برمته جسم ضعيف فشل في مواجهة الاحتلال في مسائل عديدة أقل من مسألة القدس، ومنها قضية حقوق الأسرى المالية. تصريحات بلا دليل كـ(شيكات) بلا رصيد، لا تصرف، ويردها موظف (الكاشير) البسيط.