ما زال الإسرائيليون يجمعون المزيد من الدلائل والمؤشرات التي يحملها الانفجار الأخير الذي وقع قرب سفارتهم في الهند. صحيح أنه قد يشير إلى صراع داخلي فيها، لكن بعض المؤشرات تعزز الشكوك بأن الإيرانيين يحاولون إيصال رسالة لإسرائيل والإدارة الأمريكية الجديدة، ولذلك فهم يأخذون القنبلة التي انفجرت في مكان قريب من السفارة الإسرائيلية في نيودلهي على محمل الجد.
كل الدلائل الإسرائيلية التي يمكن جمعها من التفجير تؤكد أننا أمام عملية، المقصود منها نقل رسالة، وليس التسبب بخسائر في الأرواح، أو أضرار جسيمة في الممتلكات، صحيح أنه لا تزال هوية المنفذين مجهولة، لكن الشبهة الفورية، وفق المزاعم الإسرائيلية، تقع على عاتق فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، الذي حاول نقل رسائل من خلال انفجار قنبلة صغيرة في العاصمة الهندية.
تسعى القيادة الإيرانية كما يبدو لإرسال إشارة انتقامية مفتوحة لاغتيال العالم النووي محسن فخري زادة وقائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، والمعنى الإيراني الكلاسيكي لهذه العملية أن لدى طهران القدرة على تنفيذ هجمات انتقامية أكثر شدة ضد المصالح الإسرائيلية، وربما الأمريكية في الخارج، لكنهم يمتنعون عمداً عن استخدام هذه القدرة في الوقت الحالي، حتى لا ينسفوا فرصة لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين طهران وواشنطن.
في الوقت نفسه، فإن الشرطة الحكومية الهندية وجهاز الأمن الداخلي على اتصال بأعضاء مجتمع المخابرات الإسرائيلي والشرطة الإسرائيلية، ويبدو أنهم يعملون ببطء، لكنهم يستخدمون تقنيات متقدمة، أفضت إلى جملة من المؤشرات والمعطيات الإسرائيلية.
من هذه الدلائل: أن الشحنة صغيرة، وتحتوي كمية صغيرة من المتفجرات، وليست للاستخدام العسكري مثل تي إن تي، وقليلة جدّا، إن وجدت، كما تم تنشيط الشحنة عن بعد بآلية خلوية، أو عبر جهاز توقيت لتحديد زمن الانفجار، لكنها بدائية وبسيطة التحضير، وقد يعني أن الهجوم تم تنفيذه من عامل محلي، أو أن الجهة التي شنت الهجوم أرادت أن يبدو هكذا، كما تم التفجير في وقت لا يوجد موظفون في السفارة الإسرائيلية، ولا مارة في الشارع، والفرضية أنه تم عن عمد، كي لا تقع إصابات أو أضرار جسيمة في الممتلكات.
لكن اللافت أنه تم العثور قرب مكان انفجار القنبلة، على مغلف موجه للسفارة الإسرائيلية، مع رسالة تشير إلى "قتل الشهداء" سليماني وفخري زاده، ويشير النص الذي تمت صياغته بنبرة تهديد، إلى أن الانفجار مجرد بداية لسلسلة من الهجمات.
الخلاصة أنه بالنظر إلى تفجيرات أخرى استهدفت المصالح والمواقع الإسرائيلية واليهودية حول العالم، فقد تم الكشف عن هويات الغالبية العظمى من منفذيها، ويمكن الافتراض أن منفذي هجوم نيودلهي تعلموا الدرس جيداً، ولذلك ظهروا أكثر حرصا، وتحملوا عناء إخفاء الآثار.