فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

الخطوط العربية .. إقبال في غزة على تعلم كتابتها باليد

...
غزة- صفاء عاشور:

لطالما كان للخطوط العربية جمال يأخذ الألباب ويلفت انتباه كل من يراها، وهذا هو سبب بقائها وانتقالها منذ أكثر منذ آلاف الأعوام، ولا يزال تعلم فن كتابة الخطوط العربية مستمرًّا ومتداولًا رغم الانتشار التكنولوجي الواسع.

تتميز اللغة العربية بأسلوب جميل وأنيق في الكتابة، فلكل خط من الخطوط العربية شكل خاص به، وتاريخ ارتبط بنشأته، وما يميز الخط العربي من غيره من الخطوط هو طريقة كتابته التي تعتمد على فنّ الرسم أكثر من الكتابة العادية المعروفة عند الناس.

وفي قطاع غزة نجد الكثير من الشباب والطلاب الذين وجدوا تعلم الخطوط العربية فرصة لتطوير مهارات وهوايات موجودة لديهم، أو تعلم الكتابة لأنواع بعينها من الخطوط العربية من أجل إنجاز أعمال ورسومات تستهويهم وتبرز قدراتهم.

هبة سمور الطالبة في الصف التاسع الإعدادي حصلت على فرصة كبيرة وفرتها مدرسة أسماء الإعدادية (أ) للبنات في مدينة غزة، إذ تمكنت من الانضمام لدورة لتعلم كتابة الخطوط العربية.

تقول في حديث مع صحيفة "فلسطين": "في البداية كان خطي عاديًّا ولكن كنت أشعر أن بداخلي موهبة وقدرة على الكتابة بشكل أفضل مما أنا عليه، لذلك انضممت لدورة عقدتها المدرسة خاصة بتعلم الكتابة بالخطوط العربية واستطعت أن أجد نفسي في هذا الفن".

وتضيف هبة: "منذ أن بدأت أتعلم هذا الفن وجدت نفسي أنطلق إلى عالم جديد للتعرف إلى كل أنواع الخطوط العربية، والبحث على الإنترنت عن كل ما يتعلق بها وأتدرب عليها حتى أصبح لدي مهارة في الكتابة بنوعين من الخطوط".

وتشير إلى أنها أتقنت الكتابة بالخط الديواني، كما تعلمت الخط الكوفي، لكنها وجدت نفسها تميل للخط الديواني لجمال الكتابة به، لافتة إلى أن لديها العديد من اللوحات لآيات من القرآن الكريم وأبيات شعر بهذا الخط.

وتؤكد هبة أن تعلم هذه المهارة جعلها تنتج العديد من اللوحات التي ستهديها لمدرستها، بعد عودتها للدراسة فيها عند انتهاء جائحة كورونا، كما أنها ستعمل على تطوير نفسها في هذا المجال لتعلم مزيد من الخطوط، وربما تتعلم موهبة الرسم التي ظهرت لديها بعد أن تعلمت الكتابة بالخطوط العربية.

من جانبه يوضح الطالب في الصف السابع عمر الغفير أن تعلم كتابة الخطوط عاد عليه بالنفع، خاصة أن ثقته بنفسه زادت بعد ثناء المدرسين على جمال خطه ودفاتره التي يكتب فيها واجباته.

ويقول في حديث مع صحيفة "فلسطين":" انضممت إلى دورة لتعلم كتابة الخط العربي، ولكنها بسبب جائحة كورونا لم تكتمل، ولم أتعلم إلا خطي النسخ والرقعة، لكن خطي تحسن كثيرًا ووجدت المدرسين يثنون على خطي، وهو ما جعلني مصممًا على استكمال تعلم باقي أنواع الخطوط".

ويعبر عن أمله بعد العودة للدراسة في الفصل الثاني التي ستكون وجاهيًّا داخل المدرسة أن ينتهي تأثير جائحة كورونا ويتمكن من الالتحاق بالدورة، ويتعلم الخطين الديواني والفارسي، وهو ما سيقوي -برأيه- من شخصيته ويزيد ثقته بنفسه، وسيصبح قادرًا على إنجاز اللوحات الخاصة بالخطوط العربية.

الخطوط العربية

في السياق يرى المحاضر التربوي المختص في مجال اللغة العربية وخطها محمد الخضري أن انتشار الثورة المعلوماتية والتكنولوجية، والعزوف عن الكتابة اليدوية في الأعوام الماضية أثر تأثيرًا سلبيًّا على الطلاب والطالبات، في جميع مراحلهم التعليمية، على مستوى القراءة والكتابة والإملاء.

ويبين لصحيفة "فلسطين" أن هذا الأمر أدى أيضًا إلى تدني مستوياتهم التحصيلية، وهو ما دفع الأهالي للاهتمام بأبنائهم على مستوى الكتابة اليدوية، وذلك بتدريبهم وتعليمهم الخط العربي بجميع مستوياته.

ويقول الخضري: "في المدة الأخيرة كان هناك إقبال كبير على تعلم الخط العربي، وبالأخص مع جائحة كورونا"، لافتًا إلى أنه يقصد بالكتابة اليدوية تعلم الخط العربي على أصوله من حيث مسكة القلم والجلسة السليمة.

ويضيف:" تعلم الكتابة يضمن تعلم رسم الحروف والكلمات والفقرات، وإتقان السرعة بالكتابة بشكل إبداعي، وتدريب الطلبة على استخدام جميع أنواع الأقلام من طريق مستويات الخط العربي بداية من التحسين والمهارات والفنون إلى الاحترافية"، مشيرًا إلى أن هناك أنواعًا للخطوط العربية، فمنها: النسخ، والرقعة، والفارسي، والديواني، والثلث، والكوفي.

ويؤكد الخضري أن تعلم الكتابة مهم للطفل منذ مرحلة رياض الأطفال والمرحلة الأساسية في المدرسة، لأن الأطفال في تلك السن يكون تعليمهم سهلًا واستيعابهم أكبر، لافتًا إلى أن أهداف تعلم الكتابة عديدة.

ويذكر من هذه الأهداف: جمال الخط العربي لديهم، وتحصيل العلامات الكثيرة بوضوح الخط العربي للتصحيح، ومشاركتهم في المسابقات المدرسية، وإظهار الحس الفني والجمالي والإبداعي لديهم.

ويلفت الخضري إلى أنه يجب على المتعلم أن تكون لديه الرغبة والدافعية لتعلم هذا الفن من أجل الإتقان والإبداع في مجال اللغة العربية والخط العربي، مستدركًا: "صحيح أن هناك فوارق فردية بين من لديه الموهبة ويسعى لتنميتها ويبدع، ومن يسعى لاكتساب مهارة الخط العربي، ولكن يبقى الاجتهاد هو الفيصل لما يستطيع كل شخص الوصول إليه".