للانتخابات الفلسطينية المحتملة مقتضيات قبْلية، وأخرى بعْدية. أعني مقتضيات تسبق يوم الاقتراع، ومقتضيات تأتي في اليوم التالي لإعلان النتائج، وما يهمنا في هذه المقالة هو التنبيه لهذه المقتضيات وبيان تداعياتها، لا سيما القبْلية منها، التي نعيشها الآن في الميدان وفي مرحلة الإعداد، وأهم هذه المقتضيات القبْلية تتعلق بقضية الحريات العامة.
لا انتخابات حقيقية دون كفالة حقوق جميع الفصائل والأحزاب في حرية المشاركة والترشح والدعاية الانتخابية، بحسب القانون الفلسطيني المنظم لذلك، وبما يجعلها متساوية فيما بينها، إذا فقد كادر أي فصيل حقه في حرية العمل والدعاية والمنافسة الشريفة فلن تكون هناك انتخابات محترمة ومتقبلة.
الشعب هو صاحب صندوق الاقتراع، وهو المالك الحصري له، وهو الذي يقرر نجاح فلان ورسوب الآخر، والأجهزة الأمنية لا تملك الصندوق، ولا قرار لها فيه، ودورها دور حِمائي لا غير، وإذا تجاوزت الأجهزة الأمنية دورها الحِمائي هذا، وقررت أن تكون صاحبة الصندوق كليًّا أو جزئيًّا، فهي تعمل على تدمير الانتخابات، ومواجهة الشعب وتسفيه دوره، وعليه لن يعترف الخاسر بخسارته، ولن يتمتع الفائز بفوزه.
ثمة تصريحات منقولة عن صحف غير عربية، وعن قيادات في الضفة الغربية تقول إنه ثمة اعتقالات لكوادر نشطة من حركة حماس، وثمة استدعاءات تثير الخوف وتبعث على القلق، والغريب في هذه المضايقات الأمنية أنها تُجرى في ظل استعدادات الفصائل للانتخابات، وفي ظلال حوارات القاهرة! إذا لم يُؤمِّن المرشح على نفسه، وإذا لم يُؤمِّن الكادر الإعلامي على نفسه، فإن لهذا الغياب الآمن تداعيات خطِرة على الاعتراف بنتائج الانتخابات.
الفصيل الخاسر يتقبل الخسارة إذا ما كانت خسارة بشرف، أعني بقرار الشعب والناخبين، ولا يتقبل الخسارة إذا ما كانت ببلطجة الأجهزة الأمنية وتعسفها، والفائز بقرار أمني لن يتمتع بفوزه، لأن يد النقض تلاحقه ولا تعترف له بولاية وفوز.
لذا أقول: الحريات علامة المصداقية على المقتضيات القبْلية والمبكرة على مدى نجاح العملية الانتخابية. نعم هناك علامات أخرى، ولكن هذه هي العلامة الأولية والمبكرة، وهي علامة كاشفة ومضيئة، والحريات كلية وعامة بحسب القانون، وهي لا تقبل التجزئة ولا التمييز الحزبي