ما زالت قطر الدولة العربية الأولى رعايةً للأوضاع الإنسانية والمعيشية في غزة. قطر هي الأولى وربما لا ثاني بعدها حيث مرَّت سنوات وسنوات ولم تقدِّم الدول العربية الغنية مالًا لغزة، رغم معرفة هذه الدول حجمَ الفقر والبطالة في غزة. الدول العربية الأكثر غنًى تحبس مساعداتها عن غزة في حين تُقدِّمه لدول بعيدة ولا تعيش احتلالًا أو فقرًا أو حصارًا. بل بعضها يعتقل كل من يجمع تبرعات إنسانية لصالح فقراء غزة، وينخرط انخراطًا مباشرًا في مخطط تجفيف منابع الدعم للمقاومة ولسكان غزة، قناعةً بالمخطط، أو خضوعًا لإكراهات من الدول الكبيرة.
قطر الدولة الوحيدة التي شقَّت طريقًا خاصًا بعيدًا عن مخطط التجفيف، وكانت قيادتها على درجة عالية من الذكاء السياسي في التملُّص من ضغوط الدول التي تقف خلف المخطط . قطر هذه أعطت لنا حُجة على كل الدول العربية الغنية التي حبست مساعداتها وزعمت أنها لا تستطيع معارضة السياسة الأميركية، ولو كانت هذه الدول تملك إرادة المساعدة لوجدت طريقًا يبسًا صالحًا لأن تسير فيها دون أضرار كما وجدته قطر. لذا أقول: إن المسألة لا تتعلق بقوة الضغوط الأميركية وثقلها على مصالح هذه الدول، بل تتعلق بإرادة هذه الدول ورغبتها في المساعدة.
إنه مهما قال خصوم قطر في هذه المساعدات المالية لغزة وأنها تصل غزة عبر موافقة الاحتلال على ذلك، فإن هذا لا يقدح في الدور القطري في رعاية غزة من البوابة الإنسانية لأنها البوابة الوحيدة المفتوحة، وكل مال يأتي للسلطة يأتي لها من خلال بنوك الاحتلال،؟!
إنه حين تجدد قطر -بتوجيه من أميرها تميم- المنحةَ لعام ٢٠٢١م بقيمة ٣٦٠ مليون دولار شهريًّا تستحق من غزة شكرًا وثناءً، ولو حذت بعض الدول الغنية حذو قطر لتمكنت غزة من الخروج من الفقر والبطالة، ولوجدت الجامعات في غزة مالًا كافيًا لمواصلة رسالتها التعليمية، وكذا مستشفيات القطاع، ولحصل الموظفون على مستحقاتهم. كل التحية لقطر ولأميرها على هذه المنحة، وأحسبها ستساعد غزة في مستويات متعددة.
نعم، قطر كانت الأولى، وستبقى الأولى، لأن من يملك الإرادة يكون الأول عادة.