البرغوثي قوة وطنية عظمى داخل حركة فتح، وداخل الساحة الفلسطينية، وداخل المجتمع العربي، وهذه القوة راكمها البرغوثي لصلابته خلف الأسوار، ولرفضه الدونية والدنية، ولتمرده على التبعية لمحمود عباس، ولوقوفه صخرة في وجه كل أولئك المسؤولين الذين خذلوا الأسرى في إضرابهم عن الطعام عام 2017، ومارسوا فساد السلطة من أوسع بنوكه وشركاته.
سيدخل البرغوثي الانتخابات الرئاسية معتمدًا على تاريخه النضالي، ومكانته في قلوب الناس، فالبرغوثي ليس ندًا لمحمود عباس فحسب، وإنما هو ندٌّ للاحتلال الإسرائيلي، وله مواقفه الصلبة في وجه المؤامرة على القضية الفلسطينية، وطالما كان الرجل في غنًى عن التحالف مع شخصيات محسوبة على هذا البلد أو ذاك، فلماذا يتحالف مع محمد دحلان؟ أو ماذا سيعطيه محمد دحلان من حضور ومكانة هو منجزها بصموده وتاريخه، ويستند إليها بحضوره الشعبي؟
جماهير الشعب الفلسطيني المؤيدة للبرغوثي رئيسًا، هم جماهير حركة فتح أولًا، وهم المتعاطفون مع حركة حماس والجهاد، وهم من أنصار منظمة التحرير، وهم من ضمن التيار الإصلاحي، بمعنى آخر، مؤيدو مروان البرغوثي هم جماهير الشعب الذين اكتووا بنار محمود عباس السياسية على مدار 15 عامًا، وهم أولئك الوطنيون الرافضون للتنسيق الأمني، وهم المتعاطفون مع الأسرى في مقاومتهم، والحالمون بوطن نظيف من الفساد، وهم أولئك الذين يرون فلسطين وطنًا واحدًا في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي الشتات، وهذا ما تقوله استطلاعات الرأي، التي تؤكد أن تحالف البرغوثي مع شخصيات وتنظيمات محسوبة على قوى خارجية، سيفسد مزاج جماهير الشعب الفلسطيني، التي عشقت المناضل الأسير مروان البرغوثي، وعشقت معه تغيير واقع الحياة السياسية البائس والشقي على أرض فلسطين.
ضمن هذا المنطق الوطني العام، فقد تكون لمحمد دحلان مصلحة في إزاحة محمود عباس عن رئاسة السلطة ورئاسة المنظمة، وقد تكون لحماس أيضًا مصلحة في ذلك، وقد تكون لحركة الجهاد والشعبية والديمقراطية ولملايين الفلسطينيين المصالح نفسها، وأزعم أن كل هؤلاء سيجدون أنفسهم يصطفون خلف مروان البرغوثي حبًّا بفلسطين وكُرهًا بالاحتلال، وحرصًا على مستقبل القضية، ويا حبذا لو دُعِم البرغوثي دون الإعلان الرسمي، ودون توقيع الاتفاقيات، ودون إظهار ذلك عبر وسائل الإعلام، وذلك حرصًا على جماهير مروان البرغوثي داخل حركة فتح نفسها، والذين سيتحولون عنه، إذا علموا بأنه تحالَف مع دحلان، أو تحالف مع حركة حماس وغيرها من التنظيمات، فالضخ الإعلامي الحاقد قد يوظِّف مثل هكذا تحالفات لصالح بعض الشخصيات التي انطفأت بفعل الممارسات الخاطئة، ودرستها طواحين الفشل.
قد يبدو مقالي هذا تغريدًا خارج سرب المقالات واللقاءات والمقابلات التي تتحدث عن التحالُف بين دحلان والبرغوثي، وتحاول أن تنظِّم رابطًا ما بين الطرفين، وهنا أزعم أن كل تلك المعلومات والتقارير والأخبار عن تحالُف دحلان والبرغوثي قد يكون مصدرها قيادة السلطة الفلسطينية، وهي جزء من الدعاية الهادفة إلى محاصرة البرغوثي مبكرًا، واستقطاب شباب حركة فتح، واستنهاضهم للالتفاف خلف الرئيس عباس الذي يتصدى لدحلان من جهة، ويتصدى لحركة حماس، ويواجه كل أولئك الذين يسعون إلى تقويض سلطة فتح في الساحة الفلسطينية.
قد تكون إزاحة محمود عباس عن الرئاسة الفلسطينية فرصة تاريخية، تستوجب تحالف كل القوى الوطنية والإسلامية، ولكن الأهم من كل ذلك هو تحالف حركة فتح نفسها، ووقوفها خلف مروان البرغوثي، وهذا لا يتحقق إلا باستقلالية مروان البرغوثي عن كل تحالف قد يوظفه خصومه للتشكيك بنجاعة الانتخابات الرئاسية، والعمل على صدور مرسوم رئاسي بإلغائها.
ملحوظة: يا لعظمة فلسطين وشرفها الطاهر إذا كان رئيسها أسيرًا خلف الأسوار الإسرائيلية!