فلسطين أون لاين

مصاب باضطراب طيف التوحد

زين.. الأم والاختصاصية لـ"أحمد" وكلمة "باي" أول إنجازاتها

...
68f8ff75-f992-4f05-b21c-7269192b6d25.jpg
غزة/ هدى الدلو:

"باي" كانت أول إنجازات الأم "زين" تجاه ابنها أحمد الذي يعاني اضطراب طيف التوحد، فقد أخذت على عاتقها العودة إلى مقاعد الدراسة لمساعدة فلذة كبدها، والسير به إلى بر الأمان، خاصة بعدما دارت به بالعديد من المراكز والجمعيات التي تُعنى بهذه الفئة، فاستفاد من بعضها دون الأخرى.

الثلاثينية زين الكردي خريجة آداب وتربية لغة عربية، من مدينة غزة، كانت تنتظر ابنها أحمد شهرًا تلو الآخر لتسمع كلماته التي لن يفهمها أحد غيرها، فاعتقدت أنه التأخير المعتاد، فقد حط عمره عامين ونصف تقريبًا وهي تنتظر أن يفاجئها يومًا بجمل كان يخزنها كما كان يقولون لها، خاصة أن في هذا العمر تتطور اللغة، ومن المفترض أن يبدأ بتكوين الجمل، ولكن باتت كلمات "بابا" و"ماما" و"حبيبي" تسحب منه وتتلاشى.

تقول لصحيفة "فلسطين": "لم ألاحظ عليه أي تطور في هذا المجال، ما يفضله هو الجلوس على التلفاز ولفترات طويلة دون أن يحرك ساكنًا، ولفت انتباهي أني قد أنادي عليه عشرات المرات: أحمد.. يا أحمد، ولا يلفت وجهه إليّ، ولكنه إذا سمع أنشودة من قناة الأطفال يأتي جريًا لو كان في آخر غرفة في البيت".

قلب الوالدة زين لم يحتمل ذلك، فأخذت تدور مع ابنها على العيادات الطبية، وخاصة أطباء الأنف والأذن والحنجرة رغم يقينها أن سمعه سليم، لكنها لا تعرف علته، واصطحبته للجمعيات والمراكز الخاصة، وتشير إلى أنه قبل ثمانية أعوام لم يكن اضطراب التوحد منتشرًا ومعروفًا كما في صورته الحالية.

اختصرت طريقها وتوجهت لمعرفة دائه في المستشفيات المصرية علها تجد تشخيصًا لحالته، خاصة بعدما لاحظت بعض الأعراض الأخرى كعدم استجابته لأوامرها، وانعدام التواصل البصري، وهناك سألها الأطباء أسئلة لم يتطرق لها أحد هنا، فعرفوا من ماذا يعاني، عن طريق بعض السلوكيات التي ظهرت عليه، إنه طيف التوحد.

وتضيف زين: "عندما علمت من ماذا يعاني، باتت مشاعري مختلطة، ارتحت لمعرفة تشخيصه الطبي، ولكن عندما علمت ما هو اضطراب طيف التوحد وأعراضه وغيرها لم أتقبل الأمر في بدايته وأصبت بحالة انهيار".

أصبحَت تخوض صراعًا مع الزمن في إلحاقه بالمراكز الخاصة، وتلتحق بجلسات مع الاختصاصيين الذين كان بعضهم على وعي وأمانة في التعامل مع هذه الفئة، إلى جانب دمج أكثر من طفل في الجلسة، مع أن مرضى هذا الاضطراب يحتاجون إلى جلسات فردية، فكان دافعًا لها إلى البحث في التخصصات الجامعية عن دراسة تساعد فيها أحمد لتكون له الأم والاختصاصية في آن واحد.

التحقت زين بدبلوم علاج النطق ومشكلات الكلام، وتخرجت منه بتقدير امتياز، وفي فترة الدراسة لم تتركه بل كانت متابعة مع الاختصاصيين، وتطبق ما تتلقاه في الجامعة.

وتتابع: " كان الأمر يحمل الكثير من الإيجابية، فقد مارست التدريب العملي، وكنت قريبة من الاختصاصيين، أعي ما يقولون وما يفعلون، أطبق معه التمارين، وعلى صعيد أحمد انقلب حاله كثيرًا حيث أصبح يمتلك الكثير من المهارات مقارنة بالأطفال الذين يعانون ذات الاضطراب، وزادت عنده المفردات اللغوية وأصبح يتعلم الأفعال لتكوين الجمل، وينفذ الأوامر التي أطلبها منه".

وتوضح أن "متابعة الأهل واهتمامهم له أثر كبير عليهم، فأقل تحسن قد يطرأ عليهم هو إنجاز كبير في حالتهم، رغم أنه من منظور البعض قد يراه بسيطًا وبطيئًا".

الفرحة الكبيرة التي اجتاحت قلب زين كانت عندما نطق ابنها بعمر ثمانية سنوات كلمة "باي"، "وكان بودي أن أعمل حفلة كبيرة عليها، فأكثر شيء ممتع بالنسبة له هو الخروج من البيت، وأصعب مهمة تقع على الأم هي أن تفهم ماذا يريد طفلها في ظل صعوبة النطق، لتعرف كيف تتعامل معه.

بفترة الحجر المنزلي لم ينقطع أحمد عن الجلسات بوجود والدته، لكونها تدرك الأثر السلبي لتلك الفترة على البعض، وما قد تؤدي إليه من انتكاسات صحية تعود به وبغيره إلى المربع الأول، لكنها لاحظت عليه سلوكيات إيجابية جديدة كحبه للعب مع إخوانه والاندماج معهم في نشاطات مختلفة.