بالمرسوم الرئاسي للانتخابات شرع البعض في تداول الموضوع من حيث الضرورة لتجديد الشرعية السياسية والإقليمية للقيادة الفلسطينية خصوصًا بعد تأخير (14) عامًا على ممارسة الاقتراع الديمقراطي لتحديث الرموز والكوادر للمرحلة الحالية.
نسأل أنفسنا: ماذا تريد القوى الخارجية من العملية الانتخابية؟ ثم ماذا تريد القوى المتنفذة في السلطة الفلسطينية من العملية الانتخابية؟ وبين ذلك كله ماذا تريد دول الطوق والاحتلال من الانتخابات بعد أن كان الجميع حجر عثرة في اتفاق المصالحة بين الفلسطينيين بل منعوا الوصول للاتفاقات وتنفيذ المصالحة؟
هذا ما دفعني لقراءة المراسيم الانتخابية وتوقيعها على قاعدة "من الراسم للقرار وما المناسبة؟!".
هل المصلحة الوطنية العليا أصبحت فجأة الأولوية عند القيادة الحالية؟ هل ضمير الدول العربية المطبعة مع الاحتلال انتفض لاستعادة مركزية القضية الفلسطينية على جدول أعمالهم؟ أم أن مصالحهم الإقليمية تتطلب ذلك؟
لم أسمع ولم أقرأ منذ عشرات السنين أحدًا من المذكورين تناول قضية الشعب الفلسطيني من زاوية مصلحة الشعب الفلسطيني والتخفيف عنه.
لذلك نقول: الدخول في العملية الانتخابية بذريعة تجديد الشرعيات افتراض ماسخ، وقول حق يُراد به باطل وتضليل لشعبنا وإيهامه بأن الفرج كله خلف إتمام هذه العملية الديمقراطية لطمس حقائق ووقائع يُراد فرضها على المنطقة لإتمام مسار عملية صفقة القرن كالتالي.
الاحتلال وأعوانه لم يستطيعوا عزل قيادة المقاومة الفلسطينية بالعمليات العسكرية، ويتطلعوا لإزاحتها بعملية الاقتراع الديمقراطي، بعد مرارة حصار ودمار (14) عامًا، بمعنى تحت الضغط الاجتماعي والحاجة يحاول العدو والرجعية العربية إزاحة وتغيير القوى السياسية المقاومة في فلسطين لصالح المنسقين السياسيين مع الاحتلال.
لم يستطِع حلف صفقة القرن تجاوز الحالة الفلسطينية في التطبيق وهم ينشدون التغيير بذريعة تجديد الشرعية.
مطلوب قيادة تتساوق والحالة السياسية الإقليمية المستجيبة لدمج الاحتلال كدولة مركزية في الإقليم.
استثمار الحالة الفلسطينية الضعيفة غير المتزنة سياسيًّا الناتجة عن الحصار والتطبيع لقمع المقاومة ومعسكرها.
استكمال حالة التغيير والاستبدال لشرائح المجتمع الفلسطيني لإبراز الكمبرادور المرتبط بالاحتلال والرجعية العربية.
القضاء على الحالة الوطنية المقاومة للاحتلال الناتجة عن صمود غزة بين شعوب المنطقة العربية والإسلامية.
استغلال حالة التردي السياسي العربي للاستفادة من صفقة القرن حتى النخاع.
القضاء على أي مشروع نهضوي مقاوم للاستعمار الغربي والاحتلال في المنطقة والسيطرة على خيرات المنطقة.
قتل فكرة التغيير والإصلاح بالمقاومة والحفاظ على أزلام الاحتلال وإبراز الحوار السياسي مع الاحتلال لأي إنجاز في المنطقة.
الناظر للحالة الفلسطينية المتلهفة للانتخابات يعلم دافعها وهو الخلاص من الوضع المُعاش في غزة، حيث الحصار والدمار والبطالة والأمراض المزمنة والتعليم المتراجع ووقف الحركة التجارية.
وهنا الاستفسار المهم: هل الانتخابات ستقدم الحل أو بدايته للحالة المذكورة؟
إذا كانت النتيجة سلبية كما تقدم فلماذا الانتخابات بهذا التوقيت الطافح بالضغط الاجتماعي؟
دافع آخر وهو تعطش الشعب الفلسطيني لتغيير قياداته الجاسمة على صدره منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية في التنظيمات والسلطة.
وعليه هل القوى السياسية المحلية قادرة ومستعدة لتحمل النتائج وهضمها؟
كل المؤشرات تتنافى مع أي تغيير قد ينتج لصالح الشعب الفلسطيني، وأرى الحالة المزرية لقيادات تكرشت حتى باتت بلا رقبة.
الشعب الفلسطيني يريد انتخابات عامة، شاملة، مفتوحة ومتاحة للجميع لإفراز قيادة تمثل الشعب لتحافظ على مكتسبات مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي وتعيشها قولًا وعملًا، وهذا يحتاج لجبهة وطنية شعبية موحدة بإعادة بناء وتشكيل (م.ت.ف) ثم الدخول لعملية انتخابات مستقرة يضمن الشعب الفلسطيني وقواه السياسية نتائجها قبل الضمانات الخارجية، مع كل الاحترام لجهد أشقاء معسكر الشعب والمقاومة.
قراءتي تشير لسلم أولويات الشعب الفلسطيني ومصلحته العليا أولًا وقبل كل شيء وهي:
إجراء انتخابات داخل كل فصيل فلسطيني وإفراز قيادة جديدة.
تشكيل لجنة تنفيذية من فصائل المنظمة ومخرجات إطار الأمناء العامين الأخيرة.
تشكيل حكومة توافق فصائلي تنسجم ومخرجات إطار الأمناء العامين.
إجراء انتخابات المجلس التشريعي بإشراف اللجنة التنفيذية الجديدة والحكومة الجديدة.
تشكيل المجلس الوطني الجديد حسب مفرزات المرحلة.
هكذا يضمن الشعب الفلسطيني وقواه السياسية نتائج الانتخابات الوطنية الفلسطينية وستكون مرضية للجميع.