كيف تنظر دولة الاحتلال للانتخابات الفلسطينية المحتملة؟ ما من شك أن دولة الاحتلال تُعدّ لاعبًا رئيسًا في الساحة الفلسطينية، ودولة الاحتلال لا ترغب في إجراء انتخابات فلسطينية من أصله لأسباب عديدة، منها: إن (إسرائيل) تستفيد من حالة الانقسام بأشكال مختلفة، وهي تعمل على إضعاف حماس من ناحية، واستغلال الانقسام في ابتزاز سلطة عباس في الضفة، وهي تودّ المحافظ على القيادات الأكثر ولاء لها في مناصبها الرئيسة، وهي لا تريد حماس في حكومة لأن وجودها في حكومة وتشريعي منتخب يعطيها شرعية للتعامل مع المجتمع الدولي باسم الحكومة والتشريعي، وهي لا تريد العودة لمخرجات انتخابات ٢٠٠٦م وتداعياتها.
دولة الاحتلال لا ترغب أيضًا بقائمة انتخابية مشتركة بين فتح وحماس وبقية الفصائل، وقد نصح يهود يعاري حكومته على القيام بخطوات استباقية تدفع عباس لإعادة النظر في الانتخابات، وعدم الشراكة مع حماس في قائمة مشتركة، بل إن دولة الاحتلال ستعمل على عرقلة الانتخابات إذا لم تتلقَّ ضمانات جيدة من عباس بفوز ذي مغزى لقائمة فتح، مع تراجع بعيد لقائمة حماس، فإذا لم يوفِّر عباس هذه الضمانات فمن المرجح أن تضع (إسرائيل) فيتو على إجرائها باستخدام ورقة القدس، أو باستخدام ورقة الاعتراف بالنتائج.
عباس يريد الانتخابات لتجديد تمثيله القيادي للشعب الفلسطيني كله أمام (إسرائيل) ودول أوروبا وأمريكا، ولكنه لا يتحقق له ما يريد إذا حققت حماس فوزًا كبيرًا ، لذا هو يتفق مع القوى الخارجية بضرورة فوز فتح وفريق المفاوضات بالأغلبية، مع تواجد شكلي لحماس في المجلس التشريعي، وآليات تحقيق هذه النتائج معروفة لدى صاحب القرار، والأجهزة التنفيذية التي عليها تطبيق وإخراج إرادته في شكل نتائج مريحة له. قالت هيلاري كلينتون كان خطأ أمريكا في انتخابات ٢٠٠٦م أنها لم تطلب إجراءها بضمانات عدم فوز حماس فيها.
دولة (إسرائيل) تقف على مفترق طريق بين خيارين: الأول أن تعرقل إجراءها من أصله، وهناك من فريق ما حول عباس من يحب هذا الخيار ويفضله. والخيار الثاني: أن تقبل (إسرائيل) بإجرائها مع ضمانات قوية بعدم السماح لحماس بالفوز بالأغلبية. ولا أحسب أن حكومة نتنياهو ستترك الانتخابات تجرى دون فرض رؤيتها، ولن تعيد موقفها الذي كان في انتخابات ٢٠٠٦م.