تحدَّثتُ في مقال سابق عمّا يتحدث حوله الناس في قضية انتخابات رئيس السلطة المحتملة، وقلنا: إن أحاديثهم تشمل قضايا عديدة، ومقال اليوم يقف عند قضية "القائمة المشتركة".
يتساءل بعضهم عن مدى صحة نبأ نزول حماس وفتح في قائمة مشتركة؟ ويتساءلون عن جدواها وفائدتها؟ وهذه في نظري أسئلة مشروعة، وقبل نصف عام أو يزيد قاربت هذا الموضوع من بعض جوانبه، وأقاربه مرة أخرى من جوانب إضافية، فأقول وبالله التوفيق:
ثمة فائدة وجدوى من نزول حماس وفتح وبقية الفصائل معًا في قائمة واحدة مشتركة على مستوى الوطن. هذه القائمة ربما تمنح النظام السياسي عودةً لمؤسسة التشريعي متعافيةً من الحزبية ومن المغالبة التي تحصل عادة في الانتخابات، ذلك أن المغالبة تزيد من حدة الخلافات الداخلية القائمة، و تزيد المصالحة بُعدًا، والشعب في حاجة إلى لمصالحة كما هو في حاجة للانتخابات وللحياة الديمقراطية.
في أميركا مثلًا ديمقراطية راسخة، وحياة حزبية مستقرة، وقوانين عريقة، وقضاء مستقل، ومع ذلك قلبت حالة المغالبة الأخيرة بين ترامب وبايدن الطاولة، واقتحم مناصرو ترامب الكابيتول، في محاولة انقلابية رافضة لنتائج الانتخابات، وذهبت مؤسسة الكونجرس إلى العمل على عزل ترامب وتحميله مسئولية ما حدث.
هذا الدرس كافٍ لأخذ العبرة، لا سيما ونحن نعيش أو ضاعا حزبية هشة، وليس لنا عراقة الكونجرس الأميركي، ولنا تجربة تعيسة في رفض انتخابات ٢٠٠٦م، التي أسفرت عن الانقسام وعن توقف الانتخابات لأكثر من خمسة عشر سنة.
القائمة المشتركة ربما تساعد في تبريد حالة التنازع والانقسام، وقد تمنح الأطراف فرصةً لتشكيل مجلس تشريعي توافقي قادر على معالجة القضايا التي تمخضت عن الانقسام، ومعالجتها بروح العدل والفضل ما أمكن، وحين يستقر الحال على مصالحة ومشاركة منصفة للأطراف، ورُمِّمت مؤسسات النظام السياسي والقضائي تعود الفصائل والأحزاب لحالة المنافسة والمغالبة عبْر الصندوق.
وتعزيزًا لفرص تقبل هذه الفكرة يمكن أن تكون الانتخابات بالقائمة المشتركة انتخابات انتقالية عامين، تجري فيهما المصالحة ومعالجة قضايا غزة والضفة، ثم يعود المجتمع المتصالح إلى انتخابات برامج ومنافسة. ويمكن أن تمنح هذه الانتخابات السلطة التنفيذية القدرة الجماعية على مواجهة المخططات الصهيوني من ناحية، وتمنح التمثيل الفلسطيني صوتًا جماعيًّا واحدًا في مخاطبة دول العالم من ناحية ثانية.
هل انتخابات القائمة المشتركة مقترح جدي؟ وهل له انعكاسات سلبية؟ وهل يمنع انتخابات الرئاسة أم يجعلها أسهل؟ وهل تقبل بالقائمة المشتركة دول لا تحب أن ترى حماس في التشريعي أو في الحكومة أو في الرئاسة،؟ هذه الأسئلة لها مقاربة قادمة إن شاء الله.