دوام الحال من المحال، وإنا على ثقة تامة بأن الأوضاع السياسية الداخلية في فلسطين ستتغير بإجراء انتخابات متوافق عليها أو لظروف طبيعية طارئة؛ إذ رحل العديد من القيادات دون سابق إنذار، وقد شاهدنا في تونس كيف تبدلت الأحوال بوفاة الرئيس التونسي، وأنا هنا لا أتمنى رحيل أي قائد (لا قدر الله) بل أذكر فقط بما قد تشهده الساحة الفلسطينية، وأنه لا بد من ترتيب البيت الفلسطيني حتى لا يتأثر بحدوث أي طارئ، وأتمنى لجميع القادة السلامة وطول العمر، هناك بعض التساؤلات والكثير من علامات الاستفهام في الساحة الفلسطينية، ما الذي يدعونا للتفاؤل هذه المرة بنجاح الانتخابات وإنهاء الانقسام؟، وما الذي تغير حتى لا تنقلب الأمور رأسًا على عقب كما في المرات السابقة؟
الفلسطينيون بحاجة إلى إجابات شافية ومقنعة عن سبب موافقة الأطراف على إجراء الانتخابات في هذا الوقت تحديدًا، ما الذي جد من ظروف حتى يتغير ما ألفناه على مدى 14 عامًا؟، على الرئاسة الفلسطينية وقادة منظمة التحرير أن يصارحوا الناس بالأسباب، وعلى قادة حماس كذلك أن يكشفوا أسباب تناغمهم مع مطالب الرئاسة بهذه السرعة، بعيدًا عن القول إن دولًا عربية وإسلامية تدخلت وتعهدت بعملية انتخابية نظيفة، هذا الكلام غير كافٍ لإقناع الناس؛ فليس هناك أي دولة قادرة على ضمان تحقيق إنجاز معين على الساحة الفلسطينية، واتفاق مكة خير شاهد، فضلًا عن اتفاقات أخرى أبرمت ولم ترَ النور حتى يومنا هذا.
الانتخابات في القدس كانت إحدى الذرائع الواهية لتعطيل العملية الانتخابية برمتها، ولكنهم يقولون الآن إن هناك بدائل لدى لجنة الانتخابات في حال رفضت (إسرائيل)، ولكن مع احترامي لقادة الفصائل جميعًا هذه مسألة لا تعبر عن حبنا للقدس ولا عن سيادتنا عليها، وما هي إلا ذريعة قد تُتَجاوز عند الحاجة، وأعتقد أن توحيد الصف الفلسطيني وإجراء انتخابات دون القدس أولى من تعطيل الانتخابات والعيش بهذه الفوضى لأن (إسرائيل) منعتنا، أما القدس فهي بحاجة إلى دعم صمود أهلها وغير ذلك من أشكال الدعم حتى نعطي مقدساتنا بعضًا مما تستحق.
في انتخابات سابقة للمجالس المحلية أوقفت العملية الانتخابية في غزة، لأن أحد المحامين في الضفة قدم دعوى يطعن فيها بشرعية الانتخابات في غزة وحكم بوقفها، فهل أصبحت الآن شرعية أم سيخرج علينا شخص آخر في أي لحظة ليصدر حكم قضائي مماثل؟!، وما الضمانات التي تمنع تكرار الحادثة؟، لا بد من إصدار توضيح من جانب السلطة في هذه المسألة تحديدًا، حتى لا نفاجأ في أثناء العملية الانتخابية بوقفها.
كثيرة هي الأمور التي بحاجة إلى توضيح لطمأنة الشارع الفلسطيني إلى أن الانتخابات ستجرى طبيعيًّا، وأنه ستعترف بنتائجها فتح وحماس، وأن الساحة لن تشهد اقتتالًا داخليًّا مرة أخرى.