فلسطين أون لاين

لوحات رصاص .. ​تعكس واقع الحياة الفلسطينية الصعبة

...
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

عكست عشرات اللوحات التشكيلية واقع الحياة المأساوية للفلسطينيين الناتجة عن إجراءات الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب لوحات أخرى تجسد الهوية الوطنية ومقاومة الاحتلال على مدار العقود الماضية.

وأزيح الستار عن اللوحات ذات الأحجام المتنوعة خلال معرض فني نظمته الإدارة العامة للشؤون الثقافية في بلدية غزة ومركز "سكاي لاين"، في قاعة قرية الفنون والحرف غرب مدينة غزة.

وشهد المعرض الفني حضورا جماهيريا لافتا من قبل المتخصصين وهواة الفن الذين ارتادوه منذ الساعات الأولى لافتتاحه وقد حرصوا على مشاهدة المخرجات النهائية لدورة متخصصة نظمها "سكاي لاين"، حيث تميزت اللوحات بالحرفية والدقة في رسم ملامح الشخصيات.

وسيطر قلم الرصاص والفحم على جميع تفاصيل اللوحات المشاركة بالمعرض الـ 35، إذ ظهرت على الأسطح البيضاء شخصيات سلبت الأمل وشاب لونها، ومن هنا جاء الاسم "مَشيب اللون".

الشاب علاء العمارين عرض في أحد الأركان ثلاث لوحات، لخصت الأولى قهر الطفل الفلسطيني بعدما حرم من أبسط مقومات الحياة، أما الثانية فنطقت بقسمات الحزن الممزوجة بالأمل التي سيطرت على قسمات رجل عجوز هجر قسرا من قريته دون حول ولا قوة في نكبة عام 1948م.

وعن فكرة اللوحة الثالثة، تحدث العمارين لـ"فلسطين" قائلا: "حاولت الجمع بين عدة أوجاع داخل إطار واحد، فدمجت أنين الفقراء مع آلام المرضى الصغار"، مضيفًا: "يتوجب على الفنان ملامسة أوجاع شعبه والتعبير عنها بريشته وقلمه".

ورغم قدرة العمارين على تجسيد الواقع وشغفه اللامتناهي في إنجاز أكبر قدر ممكن من اللوحات، إلا أن محدثنا لم يدرس الفن أكاديميا إنما عشقه منذ طفولته ومارسه كهواية في الرسم والحفر على الخشب.

ولم تقتصر أفكار اللوحات على ما سبق، إذ قدم مؤمن أبو سلطان مجموعة من اللوحات الخاصة برموز الحركة الأسيرة، التي تخوض إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ قرابة الشهر في سجون الاحتلال.

ويتقن أبو السلطان فن البوب القائم على تجسيد خيال الوجه، وعلى ذلك علق ابن السبعة عشر عاما: "أحببت الفن وأنا ابن الستة أعوام بدعم من والدتي، واليوم أملك في رصيدي 90 لوحة رسمتها جميعها في مرسم صغير بمنزلنا بمخيم الشاطئ للاجئين".

الشابة ريم الخطيب، الحاصلة على شهادة الهندسة، غردت في سياق الوجع أيضا إلا أنها دمجت بين آهات الشعبين الفلسطيني والسوري في ذات المضمون، فاقتصرت مشاركتها على لوحة واحدة أخذت الشكل الطولي.

وقالت الخطيب لـ"فلسطين": "هناك الكثير من أوجه التشابه في معاناتنا كشعب فلسطيني يقاوم الاحتلال ويبحث بنفسه عن الحرية وبين أوجاع السوريين الذين يطالبون منذ سنوات بالحرية ولكن نضالهم السلمي تحول إلى دامٍ، فأصبح الجرح واحدًا".

وجاءت لوحة الخطيب على هيئة شريط فيلم متحرك، احتوت أجزاؤه على صور للطفل محمد الدرة الذي استشهد في اليوم الثاني من انتفاضة الأقصى 2000، وكذلك ضمت صورة الفتى الفلسطيني أحمد مناصرة، والطفل السوري إيلان عمران الذي وجد ملقى على شواطئ اليونان ميتًا.

قلعة فنية

الفنان الفلسطيني، فتحي غبن الذي شارك في افتتاح المعرض وتجول في أركانه بعد قص الشريط، أبدى إعجابه الشديد بزوايا "مشيب اللون" قائلا: "هذا المستوى من الفن يؤهل أصحابه للمشاركة في مسابقات ومعارض محلية وخارجية (..) يجب أن نفتخر بهذه القدرات الشابة".

وأضاف غبن في حديثه لصحيفة "فلسطين": "يمكن القول إن قطاع غزة بات اليوم بمثابة قلعة ثقافية فنية تحمل أفكار جميع المدارس الفنية الحديث منها والقديمة، وهذا أمر متوقع فلا يخلق الفن العظيم إلا الألم العظيم ومن المعاناة نتعلم كل شيء في الحياة".